الأصبهاني قال : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن مهدي بن رستم الأصبهاني قال : حدّثنا عبد الله بن صالح المصري قال : حدّثني ابن لهيعة وأخبرنا أبو القاسم قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي قال : أخبرنا عثمان بن سعيد الدارجي قال : أخبرنا عبد الله بن صالح قال : حدّثني ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن وهب بن منبه عن عبد الله بن قلابة أنّه خرج في طلب إبل له شردت ، فبينما هو في صحاري عدن إذا هو قد وقع على مدينة في تلك الفلوات عليها حصن ، وحول الحصن قصور كبيرة وأعلام طوال ، فلمّا دنى منها ظنّ أنّ فيها أحدا يسأله عن إبله فلم ير خارجا ولا داخلا فنزل عن دابته وعقلها وسلّ سيفه ودخل من باب الحصن ، فلمّا دخل في الحصن إذا هو ببابين عظيمين لم ير أعظم منهما ، والبابان مرصّعان بالياقوت الأبيض والأحمر فلمّا رأى ذلك دهش وأعجبه ففتح أحد البابين ، فإذا هو بمدينة لم ير أحد مثلها ، وإذا قصور كل قصر معلّق تحته أعمدة من زبرجد وياقوت وفوق كلّ قصر منها غرف :
اعتبر يا أيها المغرور بالعمر المديد |
|
أنا شداد بن عاد صاحب الحصن المشيد |
] وأخو القوّة والبأساء والملك الحشيد |
|
دار أهل الأرض لي من خوف وعيدي ووعيد |
وملكت الشرق والغرب بسلطان شديد |
|
وبفضل الملك والعدّة فيه والعديد |
فأتى هود وكنّا في ضلال قبل هود |
|
فدعانا لو قبلناه إلى الأمر الرشيد |
وعصيناه ونادى هل من محيد |
|
فأتتنا صيحة تهوي من الأفق البعيد |
فتوافينا كزرع وسط بيداء حصيد |
(وَثَمُودَ) أي وثمود (الَّذِينَ جابُوا) قطّعوا وخرقوا (الصَّخْرَ) الحجر واحدتها صخرة (بِالْوادِ) يعني بوادي القرى ، فنحتوا منها بيوتا كما قال الله سبحانه : (وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ) (١).
قال أهل السير : أوّل من نحت الجبال والصخور والرخام ثمود ، فبنوا من الدور والمنازل ألفي ألف وسبع مائة ألف كلّها من الحجارة ، وأثبت أبو جعفر وأبو حاتم وورش الياء في الوادي وصلا ، وأثبتها في الوصل والوقف ابن كثير برواية البزي والعواش ويعقوب على الأصل ، وحذفها الآخرون في الحالتين ؛ لأنّها رأس آية.
(وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) اختلفوا فيه فقال بعضهم : أراد ذا الجنود والجموع الذين يقوّون أمره (٢) ويسدّدون مملكته ، وسمّي الأجناد أوتادا لكثرة المضارب التي كانوا يضربونها ويوتّدونها في أسفارهم ، وهي رواية عطية عن ابن عبّاس.
__________________
(١) سورة الحجر : ٨٢.
(٢) في المخطوط : أمره.