وقته ، فيكون وجوب القضاء بنفس دليل الأداء ـ أو أنّ القاعدة لا تقتضي ذلك ، بل وجوب القضاء يحتاج إلى دليل خاصّ غير نفس دليل الأداء؟
وفي المسألة أقوال ثلاثة :
قول بالتبعيّة مطلقا (١).
وقول بعدمها مطلقا (٢).
وقول بالتفصيل بين ما إذا كان الدليل على التوقيت متّصلا ، فلا تبعيّة ، وبين ما إذا كان منفصلا ، فالقضاء تابع للأداء (٣).
والظاهر أنّ منشأ النزاع في المسألة يرجع إلى أنّ المستفاد من التوقيت هو وحدة المطلوب أو تعدّده؟ أي إنّ في الموقّت مطلوبا واحدا هو الفعل المقيّد بالوقت بما هو مقيّد ، أو مطلوبين ، وهما ذات الفعل وكونه واقعا في وقت معيّن؟
فعلى الأوّل ، إذا فات الامتثال في الوقت لم يبق طلب بنفس الذات ، فلا بدّ من فرض أمر جديد للقضاء بالإتيان بالفعل خارج الوقت. وعلى الثاني ، إذا فات الامتثال في الوقت فإنّما فات امتثال أحد الطلبين وهو طلب كونه في الوقت المعيّن ، وأمّا الطلب بذات الفعل : فباق على حاله.
ولذا ذهب بعضهم إلى التفصيل المذكور باعتبار أنّ المستفاد من دليل التوقيت في المتّصل وحدة المطلوب ، فيحتاج القضاء إلى أمر جديد ، والمستفاد في المنفصل تعدّد المطلوب ، فلا يحتاج القضاء إلى أمر جديد ويكون تابعا للأداء.
__________________
(١) وهذا منسوب إلى جماعة من الحنابلة وعامّة الحنفيّة والمعتزلة وأهل الحديث. راجع إرشاد الفحول : ١٠٦ ؛ وفواتح الرحموت (المستصفى ١ : ٨٨).
(٢) وهذا هو المعروف بين الأصوليّين ـ من العامّة والإماميّة ـ فراجع الإحكام (الآمدي) ١ : ١٥٦ ؛ إرشاد الفحول : ١٠٦ ؛ المستصفى ١ : ٩٦ ؛ العدّة ١ : ٢١٠ ؛ الفصول الغرويّة : ١١٤ ؛ فوائد الأصول ١ : ٢٣٧.
(٣) لم أعثر على من صرّح بهذا التفصيل. نعم ، فصّل صاحب الكفاية بين ما إذا كان لدليل المنفصل إطلاق فلا يدلّ على وجوب الإتيان خارج الوقت. وبين ما إذا لم يكن له إطلاق وكان لدليل الواجب إطلاق فيدلّ على بقاء الوجوب خارج الوقت. راجع كفاية الأصول : ١٧٨.