١١. دوران بين التخصيص والنسخ (١)
اعلم أنّ العامّ والخاصّ المنفصل يختلف حالهما من جهة العلم بتأريخهما معا ، أو بتأريخ أحدهما ، أو الجهل بهما معا. فقد يقال في بعض الأحوال بتعيين أن يكون الخاصّ ناسخا للعام ، أو منسوخا له ، أو مخصّصا إيّاه. وقد يقع الشكّ في بعض الصور ، ولتفصيل الحال نقول : إنّ الخاصّ والعامّ من ناحية تأريخ صدورهما لا يخلوان من خمس حالات : فإمّا أن يكونا معلومي التأريخ ، أو مجهولي التأريخ ، أو أحدهما مجهولا والآخر معلوما ، هذه ثلاث صور. ثمّ المعلوم تأريخهما : إمّا أن يعلم تقارنهما عرفا ، أو يعلم تقدّم العامّ ، أو يعلم تأخّر العامّ ؛ فتكون الصور خمسا :
الصورة الأولى
إذا كانا معلومي التأريخ مع العلم بتقارنهما عرفا ؛ فإنّه لا مجال لتوهّم النسخ فيهما.
الصورة الثانية :
إذا كانا معلومي التاريخ مع تقدّم العامّ ، فهذه على صورتين :
١. أن يكون ورود الخاصّ قبل وقت العمل بالعامّ. والظاهر أنّه لا إشكال حينئذ في حمله على التخصيص بغير كلام ، إمّا لأنّ النسخ لا يكون قبل وقت العمل بالمنسوخ كما قيل (٢) ، وإمّا لأنّ الأولى فيه التخصيص ، كما سيأتي في الصورة الآتية.
٢. أن يكون وروده بعد وقت العمل بالعامّ. وهذه الصورة هي أشكل الصور ، وهي التي وقع فيها الكلام في أنّ الخاصّ يجب أن يكون ناسخا (٣) ، أو يجوز أن يكون مخصّصا ولو في بعض الحالات (٤)؟ ومع الجواز يتكلّم حينئذ في أنّ الحمل على التخصيص
__________________
(١) النسخ في اللغة بمعنى الإزالة. وفي الاصطلاح هو رفع أمر ثابت في الشريعة بارتفاع أمده وزمانه.
(٢) هكذا قال الشيخ في مطارح الأنظار : ٢١٢.
(٣) كما في مطارح الأنظار : ٢١٢ ، وكفاية الأصول : ٢٧٦.
(٤) كما في أجود التقريرات ٢ : ٥٠٦ ، والمحاضرات ٥ : ٣٢٢ ـ ٣٢٣.