٧. الاستعمال حقيقيّ ومجازيّ
استعمال اللفظ في معناه الموضوع له «حقيقة» ، واستعماله في غيره المناسب له «مجاز» ، وفي غير المناسب «غلط» ، وهذا أمر محلّ وفاق.
ولكنّه وقع الخلاف في الاستعمال المجازيّ في أنّ صحّته هل هي متوقّفة على ترخيص الواضع وملاحظة العلاقات المذكورة في علم البيان (١) ، أو أنّ صحّته طبعيّة تابعة لاستحسان الذوق السليم فكلّما كان المعنى غير الموضوع له مناسبا للمعنى الموضوع له واستحسنه الطبع ، صحّ استعمال اللفظ فيه وإلاّ فلا؟
والأرجح القول الثاني (٢) ؛ لأنّا نجد صحّة استعمال «الأسد» في «الرجل الشجاع» مجازا ، وإن منع منه الواضع ، وعدم صحّة استعماله مجازا في «كريه رائحة الفم» ـ كما يمثّلون ـ وإن رخّص الواضع. ومؤيّد ذلك اتّفاق اللغات المختلفة غالبا في المعاني المجازيّة ، فترى في كلّ لغة يعبّر عن الرجل الشجاع باللفظ الموضوع للأسد. وهكذا في كثير من المجازات الشائعة عند البشر.
٨. الدلالة تابعة للإرادة
قسّموا الدلالة إلى قسمين : التصوّريّة ، والتصديقيّة :
١. التصوّريّة : وهي أن ينتقل ذهن الإنسان إلى معنى اللفظ بمجرّد صدوره من لافظ ، ولو علم أنّ اللافظ لم يقصده ، كانتقال الذهن إلى المعنى الحقيقيّ عند استعمال اللفظ في معنى مجازيّ ، مع أنّ المعنى الحقيقيّ ليس مقصودا للمتكلّم ، وكانتقال الذهن إلى المعنى من اللفظ الصادر من الساهي أو النائم أو الغالط.
٢. التصديقيّة : وهي دلالة اللفظ على أنّ المعنى مراد للمتكلّم في اللفظ وقاصد لاستعماله فيه. وهذه الدلالة متوقّفة على عدّة أشياء : أوّلا : على إحراز كون المتكلّم في
__________________
(١) المطوّل : ٢٨٤ ـ ٢٨٦ ، مختصر المعاني : ١٥٥ ـ ١٥٧.
(٢) وهو ما اختاره في الكفاية : ٢٨. والقول الأوّل منسوب إلى المشهور كما في المحاضرات ١ : ٩٢.