كاشف وحاك عن الحكم باعتقاد الناقل ، فيكون مشمولا لأدلّة حجّيّة الخبر.
وأمّا : إن ثبت لدينا أنّ المناط في صحّة التعبّد بالخبر أن يكون حاكيا عن الحكم من طريق الحسّ ـ أي يجب أن يكون الناقل قد سمع بنفسه الحكم من المعصوم ـ ولذا لا تشمل أدلّة حجّيّة الخبر فتوى المجتهد ، وإن كان قاطعا بالحكم ، مع أنّ فتواه في الحقيقة حكاية عن الحكم بحسب اجتهاده ، فالإجماع (١) المنقول ـ الذي هو موضع البحث ـ ليس بحجّة مطلقا.
وأمّا : لو ثبت أنّ الإخبار عن حدس اللازم للإخبار عن حسّ يصحّ التعبّد به ؛ لأنّ حكمه حكم الإخبار عن حسّ بلا فرق ، فإنّ التفصيل المتقدّم في القول الثالث (٢) يكون هو الأحقّ.
وإذا اتّضح لدينا سرّ الخلاف في المسألة بقي علينا أن نفهم أيّ وجه من الوجوه المتقدّمة هو الأولى بالتصديق ، والأحقّ بالاعتماد؟ فنقول :
أوّلا : إنّ أدلّة خبر الواحد جميعها ـ من آيات ، وروايات ، وبناء عقلاء ـ أقصى دلالتها أنّها تدلّ على وجوب تصديق الثقة ، وتصويبه في نقله لغرض التعبّد بما ينقل. ولكنّها لا تدلّ على تصويبه في اعتقاده.
بيان ذلك أنّ معنى تصديق الثقة هو البناء على واقعيّة نقله ، وواقعيّة النقل تستلزم واقعيّة المنقول ، بل واقعية النقل عين واقعية المنقول ، فالقطع بواقعيّة النقل لا محالة يستلزم القطع بواقعيّة المنقول ، وكذلك البناء على واقعيّة النقل يستلزم البناء على واقعيّة المنقول.
وعليه ، فإذا كان المنقول حكما [شرعيّا] أو ذا أثر شرعيّ صحّ البناء على الخبر والتعبّد به ، بالنظر إلى هذا المنقول.
أمّا : إذا كان المنقول اعتقاد الناقل ـ كما لو أخبر شخص عن اعتقاده بحكم ـ فغاية ما يقتضي البناء على تصديق نقله هو البناء على واقعيّة اعتقاده الذي هو المنقول ، والاعتقاد في نفسه ليس حكما [شرعيّا] ، ولا ذا أثر شرعيّ.
__________________
(١) جواب «إن ثبت».
(٢) وهو قول الشيخ الأنصاريّ.