من العقلاء ، بل رئيسهم ، فهو متّحد المسلك معهم ، ولا مانع من اتّحاده معهم في هذا المسلك ، ولم يثبت من قبله ما يخالفه.
وإذا ثبتت هاتان المقدّمتان القطعيّتان لا محالة يثبت ـ على سبيل الجزم ـ أنّ الظاهر حجّة عند الشارع ، حجّة له على المكلّفين ، وحجّة معذّرة للمكلّفين.
هذا ، ولكن وقعت لبعض الناس شكوك في عموم كلّ من المقدّمتين ، لا بدّ من التعرّض لها ، وكشف الحقيقة فيها.
أمّا المقدّمة الأولى : فقد وقعت عدّة أبحاث فيها :
١ ـ في أنّ تباني العقلاء على حجّيّة الظاهر هل يشترط فيه حصول الظنّ الفعليّ بالمراد؟
٢ ـ في أنّ تبانيهم هل يشترط فيه عدم الظنّ بخلاف الظاهر؟
٣ ـ في أنّ تبانيهم هل يشترط فيه جريان أصالة عدم القرينة؟
٤ ـ في أنّ تبانيهم هل هو مختصّ بمن قصد إفهامه فقط ، أو يعمّ غيرهم ، فيكون الظاهر حجّة مطلقا؟
وأمّا المقدّمة الثانية : فقد وقع البحث فيها في حجّيّة ظواهر الكتاب العزيز ، بل قيل : «إنّ الشارع ردع عن الأخذ بظواهر الكتاب ، فلم يكن متّحد المسلك فيه مع العقلاء» (١). وهذه المقالة منسوبة إلى الأخباريّين. (٢) وعليه ، فينبغي البحث عن كلّ واحد واحد من هذه الأمور ، فنقول :
أ. اشتراط الظنّ الفعليّ بالوفاق
قيل : «لا بدّ في حجّيّة الظاهر من حصول ظنّ فعليّ بمراد المتكلّم ، وإلاّ فهو ليس بظاهر». (٣) يعني أنّ المقوّم لكون الكلام ظاهرا حصول الظنّ الفعليّ للمخاطب بالمراد منه ،
__________________
(١) الفوائد المدنيّة : ١٢٨ ، والدّرر النجفيّة : ١٧٤.
(٢) نسب إليهم في فرائد الأصول ١ : ٥٦.
(٣) هذا ما نسبه الشيخ الأنصاريّ في فرائد الأصول ١ : ٧٢ إلى بعض متأخّري المتأخّرين من معاصريه. وقيل : هو المحقّق الكلباسيّ صاحب الإشارات.