للحكم ، ويكون أيضا عملا بالحاضر ، لا بما كان.
مقوّمات الاستصحاب
بعد أن أشرنا إلى أنّ لقاعدة الاستصحاب أركانا ، ـ نقول تعقيبا على ذلك ـ : إنّ هذه القاعدة تتقوّم بعدّة أمور إذا لم تتوفّر فيها فإمّا ألاّ تسمّى استصحابا أو لا تكون مشمولة لأدلّته الآتية (١). ويمكن أن ترتقي هذه المقوّمات إلى سبعة أمور ، حسبما تقتنص من كلمات الباحثين :
١. «اليقين» : والمقصود به اليقين بالحالة السابقة ، سواء كانت حكما شرعيّا ، أو موضوعا ذا حكم شرعيّ. وقد قلنا سابقا : (٢) إنّ ذلك ركن في الاستصحاب ؛ لأنّ المفهوم من الأخبار الدالّة عليه ، بل من معناه أن يثبت يقين بالحالة السابقة ، وأنّ لثبوت هذا اليقين علّيّة في القاعدة.
ولا فرق في ذلك بين أن نقول بأنّ اعتبار سبق اليقين من جهة كونه صفة قائمة بالنفس ، وبين أن نقول بذلك من جهة كونه طريقا ، وكاشفا. وسيأتي بيان وجه الحقّ من القولين. (٣)
٢. «الشكّ» : والمقصود منه الشكّ في بقاء المتيقّن. وقد قلنا سابقا : (٤) إنّه ركن في الاستصحاب ؛ لأنّه لا معنى لفرض هذه القاعدة ، ولا للحاجة إليها ، مع فرض بقاء اليقين ، أو تبدّله بيقين آخر ، ولا يصحّ أن تجري إلاّ في فرض الشكّ في بقاء ما كان متيقّنا. فالشكّ مفروغ عنه في فرض جريان قاعدة الاستصحاب ، فلا بدّ أن يكون مأخوذا في موضوعها.
__________________
(١) فلا تكون حجّة على الحكم الفرعي.
(٢) في الجواب عن الاعتراض الثاني.
(٣) لم يأت في المباحث الآتية.
قال المحقّق النائيني : «فأخذ اليقين في الأخبار إنّما يكون باعتبار كونه كاشفا ، وطريقا إلى المتيقّن ، لا بما أنّه صفة قائمة في النفس». فوائد الأصول ٣ : ٣٧٤.
ولا يبعد أن ينهج المصنّف في المقام منهج أستاذه المحقّق النائيني ، كما يشعر به كلامه الآتي : «لا يصحّ أن يقصد أحكام اليقين من جهة أنّه صفة من الصفات ... ، فالمراد من الأحكام الأحكام الثابتة للمتيقّن بواسطة اليقين به». راجع الصفحة : ٦٤٤.
(٤) في الصفحة السابقة.