وكذلك خلق الحيوان من النطفة فهو خلق حى من حى فلا تنطبق عليه الآية الكريمة على هذا التفسير ، والله أعلم.
والتفسير الحقيقي ـ هو إخراج الحي من الميت كما يحصل يوميا من أن الحي ينمو بأكل أشياء ميتة ؛ فالصغير مثلا يكبر جسمه بتغذية اللبن أو غيره ، والغذاء ميت ، ولا شك أن القدرة على تحويل الشيء الميت الذي يأكله إلى عناصر وموادّ من نوع جسمه بحيث ينمو جسمه ، هو أهم علامة تفصل الجسم الحي من الجسم الميت وقد كتب علماء الحيوان فقالوا : إن النعجة مثلا تتغذى بالنبات وتحوّله إلى لحمها ، وهذه أهم علامة تدل على أنها حية ، وكذا الطفل يتغذى باللبن الميت ويحوله إلى جسمه الحي.
وأما إخراج الميت من الحي فهو الإفرازات مثل اللبن : (وإن شئت فلحوم الحيوانات أيضا والنباتات ، فإن اللبن سائل ليس فيه شىء حى ، بخلاف النطفة فإن فيها حيوانات حية ، وهذه تخرج من الحيوان الحي ، وهكذا ينمو الحي من الميت ويخرج الميت من الحي والله أعلم بمراده) ا ه.
(ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) أي ذلكم المتصف بكامل القدرة وبالغ الحكمة هو الله الخالق لكل شىء المستحق للعبادة وحده لا شريك له ؛ فكيف تصرفون عن عبادته وتشركون به من لا يقدر على شىء من ذلك كفلق نواة وحبة وإيجاد نخلة وسنبلة.
(فالِقُ الْإِصْباحِ) فلق الصبح : هو فلق ظلمة الليل وشقّها بعمود الصبح الذي يبدو فى جهة مطلع الشمس من الأفق مستطيلا ، ولا يعتد به حتى تنفشع الظلمة عنه من أمامه وعن جانبيه حتى تزول.
(وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً) أي وجعله يستريح فيه المتعب من العمل بالنهار ويسكن فيه ، والسكون يعم سكون الجسم وسكون النفس بهدوء الخواطر والأفكار.
والليل وقت السكون ، لأنه لا يتيسر فيه من الحركة وأنواع الأعمال ما يتيسر فى النهار ، لما خص به الليل من الإظلام والنهار من الإبصار.
وأكثر الأحياء من الإنسان والحيوان تترك العمل والسعى في الليل وتأوى إلى