وآداب الدين أن يكون ذلك فى السر ، حملت : أي علقت منه ، والجمل (بِالْفَتْحِ) ما كان فى بطن أو على شجرة (وبالكسر) ما كان على ظهر ونحوه ، فمرت به : أي استمرت به إلى وقت ميلاده من غير إخراج ولا إزلاق ، واستمرت فى أعمالها وقضاء حاجتها من غير مشقة ولا استثقال ، وأثقلت : أي حان وقت ثقل حملها وقرب وضعها ، صالحا. أي نسلا سليما من فساد الخلقة كنقص بعض الأعضاء ، فتعالى الله : أي ارتفع مجده وتعالى جده وتنزه عن شرك هؤلاء الجهلاء.
المعنى الجملي
بعد أن افتتح عزت قدرته السورة بالدعوة إلى التوحيد واتباع ما أنزل على لسان رسوله وتلاه بالتذكير بنشأة الإنسان الأولى فى الخلق والتكوين والعداوة بينه وبين الشيطان.
اختتم السورة بهذه المعاني ، فذكر بالنشأة الأولى ، ونهى عن الشرك واتباع وسوسة الشيطان ، وأمر بالتوحيد واتباع ما جاء به القرآن.
الإيضاح
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها) أي هو الذي خلقكم من جنس واحد وجعل زوجه من جنسه فكانا زوجين ذكرا وأنثى كما قال فى آية أخرى «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى».
وهكذا خلق من كل الأنواع ومن كل أجناس الأحياء زوجين اثنين كما قال عز من قائل «وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ».
والمشاهد أن كل خلية من الخلايا التي ينمو بها الجسم الحي تنطوى على نواتين ذكر وأنثى إذا اقترنتا ولدتا خلية أخرى وهلم جرا.
وفى التوراة إن حواء خلقت من ضلع من أضلاع آدم ، وعليه حمل بعض العلماء الحديث «استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شىء فى الضلع