البلاد رفاهية العيش ، وآتيناهم من العلوم والمعارف وفهم سنن الكون ما لم يصل إلى مثله البشر من قبل.
والخلاصة ـ إنهم لو آمنوا لو سعنا عليهم الخير من كل جانب ويسرناه لهم بدل لما أصابهم من عقوبات بعضها من السماء وبعضها من الأرض.
والقاعدة التي أقرها القرآن الكريم أن الإيمان الصحيح ودين الحق سبب فى سعادة الدنيا ، ويشارك المؤمنين فى المادي منها الكفار كما قال تعالى : «فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ» أي إن ذلك الفتح كان ابتلاء واختبارا لحالهم ، وكان من أثره فيهم البطر والأشر بدلا من الشكر لمولى النعم فكان نقمة لا نعمة ، وفتنة لا بركة ، ولكن المؤمنين إذا فتح الله عليهم كان أثره فيهم شكر الله عليه والاغتباط بفضله واستعماله فى سبيل الخير دون الشر وفى الإصلاح دون الإفساد ، ويكون جزاؤهم على ذلك زيادة النعم فى الدنيا وحسن الثواب عليها فى الآخرة.
(وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي ولكنهم لم يؤمنوا ولم يتقوا بل كذبوا فأخذناهم بما كانوا يعملون من أعمال الشرك والمعاصي التي تفسد نظم المجتمع البشرى.
وذلك الأخذ بالشدة أثر لازم لكسبهم المعاصي بحسب السنن التي وضعها المولى فى الكون ويكون فيه العبرة لأمثالهم إن كانوا يعقلون هذه النواميس العامة التي لا نبديل فيها ولا تغيير.
ثم عجب من حالهم وذكر من غفلتهم فقال :
(أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ؟) أي أجهل أهل مكة وغيرهم من أهل القرى الذين بلغتهم الدعوة والذين ستبلغهم ما نزل بمن قبلهم وغرّهم ما هم فيه من نعمة فأمنوا أن يأتيهم عذابنا وقت بياتهم وهم نائمون؟.