(وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) أي وما جعل ذلك الإمداد إلا بشرى لكم بأنكم تنصرون ، ولتسكن به قلوبكم من الزلزال الذي عرض لكم فكان من مجادلتكم للرسول فى أمر القتال ما كان ، وبذا تلقون أعداءكم ثابتين موقنين بالنصر.
(وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي ليس النصر إلا من عند الله دون غيره من الملائكة أو سواهم من الأسباب ، فهو سبحانه الفاعل للنصر والمسخّر له كتسخيره للأسباب الحسية والمعنوية ، ولا سيما ما لا كسب للبشر فيه كتسخير الملائكة تخالط المؤمنين فتفيد أرواحهم الثبات والاطمئنان.
(إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أي إنه تعالى غالب على أمره ، حكيم لا يضع شيئا فى غير موضعه.
وظاهر الآية يدل على أنّ لإنزال الملائكة وإمداد المسلمين بهم فائدة معنوية ، فهو يؤثّر فى القلوب فيزيدها قوة وإن لم يكونوا محاربين ، وهناك روايات تدل على أنهم قاتلوا فعلا.
وفى يوم أحد وعدهم الله وعدا معلقا على الصبر والتقوى ، ولكن الشرط الأخير قد انتفى فانتفى ما علق عليه.
(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ) أي إنه تعالى ألقى عليهم النعاس حتى غشيهم غلب عليهم تأمينا لهم من الخوف الذي كان يساورهم من الفرق الشاسع بينهم وبين عدوهم فى العدد والعدّة ونحو ذلك ، إذ من غلب عليه النعاس لا يشعر بالخوف ، كما أن الخائف لا ينام ولكن قد ينعس إذ تفتر منه الحواس والأعصاب.
روى البيهقي فى الدلائل عن على كرم الله وجهه قال : «ما كان فينا فارس بوم بدر غير المقداد ، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى تحت شجرة حتى أصبح» والمتبادر من الآية أن النعاس كان فى أثناء القتال ، وهو يمنع الخوف ، لأنه ضرب من الذهول والغفلة عن الخطر.