تكميل الفطرة الإنسانية وسعادتها فى الدنيا والآخرة ، وكرر النداء بلفظ المؤمنين تنشيطا لهم إلى الإصغاء لما يرد بعده من الأوامر والنواهي ، وإيماء إلى أنهم قد حصّلوا ما يوجب عليهم الاستجابة وهو الإيمان.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) أي إن الرسول دعاكم بأمر ربكم لما فيه حياتكم الروحية : من علم بسننه فى خلقه ومن حكمة وفضيلة ترفع نفس الإنسان وترقى بها إلى مراتب الكمال حتى تحظى بالقرب من ربها وتنال رضوانه فى الدار الآخرة ـ فأجيبوا دعوته بقوة وعزم. كما قال فى آية أخرى : «خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ» وطاعته صلى الله عليه وسلم واجبة فى حياته ، وبعد مماته فيما علم أنه دعا إليه دعوة عامة من أمور الدين الذي بعثه الله به كبيانه لصفة الصلاة وعددها قولا أو فعلا ؛ فقد صلى بأصحابه وقال : «صلّوا كما رأيتمونى أصلى» وقال «خذوا عنّى مناسككم» وبيانه لمقادير الزكاة وغيرها من السنن العملية المتواترة وأقواله كذلك ، فكل من ثبت لديه شىء منها ببحثه أو بحث العلماء الذين يثق بهم وجب عليه الاهتداء به.
أما الإرشادات النبوية فى أمور العادات كاللباس والطعام والشراب والنوم ، فلم يعدّها أحد من الأئمة دينا يجب الافتداء به فيه.
(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) نبهنا الله فى هذه الآية لأمرين لهما خطرهما فى سعادة الإنسان الأخروية ، وهما :
(١) أنه قد جرت سنة الله فى البشر أن يحول بين المرء وقلبه ، وهو مركز الإحساس والوجدان والإدراك الذي له السلطان على الإرادة والعمل ، أي إنه تعالى يميت القلب فتفوت الفرصة التي هو واجدها من التمكن من معالجة أدوائه وعلله ، ورده سليما كما يريده الله ، وهذا أخوف ما يخافه المتقى على نفسه إذا غفل عنها وفرّط فى جنب الله ،