روى عن ابن عباس ومجاهد أن الآية نزلت فى أبي سفيان وما كان من إنفاقه على المشركين فى بدر ومن إعانته على ذلك فى أحد ـ ذلك أنه لما نجا بالعير بطريق البحر إلى مكة مشى ومعه نفر من المشركين يستنفرون الناس للقتال فجاءوا كل من كان لهم تجارة فقالوا : يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم وقتل رجالكم فأعينونا بهذا المال على حربه فلعلنا ندرك منه ثأرا ففعلوا.
وقال سعيد بن جبير إنه استأجر يوم أحد ألفين من الأحابيش (واحدها حباشة :
الجماعة ليسوا من قبيلة واحدة) يقاتل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى من استجاش من العرب وأنفق عليهم أربعين أوقية (والأوقية اثنان وأربعون مثقالا من الذهب).
الإيضاح
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) سبيل الله دينه واتباع رسوله : أي إن مقصدهم بالإنفاق الصدّ عن اتباع محمد وهو سبيل الله وإن لم يكن عندهم كذلك.
(فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ) أي إنه سيقع هذا الإنفاق وتكون عاقبته الحسرة لأنه سيذهب المال ولا يصلون إلى المقصود ، بل يغلبون كما قال تعالى : «كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي» وسينكسرون المرة بعد المرة.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) أي والذين كفروا يساقون يوم القيامة إلى جهنم إذا هم أصروا على كفرهم حتى ماتوا فيكون لهم شقاء الدارين وعذابهما.
وقد كان للمسلمين العبرة فى هذه الآية فينفقون أموالهم فى سبيل الله لأن لهم بها سعادة الدارين ، وهكذا كانوا أيام قاموا بحقوق الإسلام والإيمان.
والكفار فى هذا العصر ينفقون الكثير من الأموال للصد عن الإسلام وفتنة الضعفاء من العامة بالدعوة إلى دينهم وتعليم أولاد المسلمين فى مدارسهم ومعالجة رجالهم