إِلَيْكَ» قال مسروق : وكنت متكئا فجلست وقلت : ألم يقل الله : «وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى» فقالت أنا أول هذه الأمة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : «إنما هو جبريل».
ومن هذا تعلم أن عائشة تنفى دلالة سورة النجم على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه بالحديث المرفوع ، وتنفى جواز الرؤية مطلقا أو فى هذه الحياة الدنيا بالاستدلال بقوله تعالى : «لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ» وقوله : «وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ» وهذا الاستدلال ليس نصا فى النفي حتى يرجح على الأحاديث الصريحة فى الرؤية وقد قال بها بعض علماء الصحابة.
والمثبتون للرؤية يقولون : إن استنباط عائشة إنما هو لنفى الرؤية فى الدنيا فقط كما قال بذلك الجمهور ، ولا تقاس شئون البشر فى الآخرة على شئونهم فى الدنيا ، لأن لذلك العالم سننا ونواميس تخالف سنن هذا العالم ونواميسه حتى فى الأمور المادية كالأكل والشرب ، والمأكول والمشروب ، فماء الجنة غير آسن فلا يتغير كماء الدنيا بما يخالطه أو يجاوره فى مقره أو جوّه ، قال ابن عباس : ليس فى الدنيا شىء مما فى الجنة إلا الأسماء.
وجمهرة المسلمين أن رؤية العباد لربهم فى الآخرة حق وأنها أعلى وأكمل للنعيم الروحاني الذي يرتقى إليه البشر فى دار الكرامة ، وأنها أحق ما يصدق عليه قوله صلى الله عليه وسلم : «قال الله عز وجل : أعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» وهى المعبر عنها بقولهم : إنها رؤية بلا كيف. وبعد أن أخبر سبحانه فى الآيات السالفة أنه منع موسى رؤيته فى الدنيا وبشره بأنه اصطفاه على أهل زمانه برسالته وبكلامه أخبرنا فيما بعد بما أتاه يومئذ بالإجمال فقال :
(وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) أي إننا أعطيناه ألواحا كتبنا له فيها أنواع الهداية والمواعظ التي تؤثّر فى القلوب ترغيبا وترهيبا