فى حال التلبس بالتواضع والخضوع وتنكيس الرءوس شكرا لله على نعمه عند دخول القرية ، وبين أن يبدءوا بتنكيس الرءوس والخضوع والتواضع ثم يدعوا بقولهم (حِطَّةٌ)
(٤) إنه قال هنا : (سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) بدون واو ، وهناك : «وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ» بالعطف والمعنى واحد وترك الواو أدل على أن الزيادة تفضل من الله ليست مشاركة للمغفرة فيما جعل سببا لها من الخضوع والسجود والاستغفار والدعاء بحط الأوزار.
(٥) إنه قال هاهنا (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) : فزيد منهم على مثله فى سورة البقرة.
ومعنى تبديلهم قولا غير الذي قيل لهم : أنهم عصوا بالقول والفعل وخالفوا الأمر مخالفة تامة لا تحتمل اجتهادا ولا تأويلا فلم يراعوا ظاهر مدلول اللفظ ولا الفحوى والمقصود منه ، حتى كأن المطلوب منه غير الذي قيل لهم.
وما روى فى الإسرائيليات من هذا التبديل من الألفاظ العبرانية أو العربية ـ فلا ثقة به ، وإن خرّج بعضه فى الصحيح والسنن موقوفا ومرفوعا كحديث أبي هريرة فى الصحيحين وغيرهما ـ قيل لبنى إسرائيل : (ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة فدخلوا يزحفون على أستاههم وقالوا : (حِطَّةٌ) حبة فى شعيرة ، إذ هو مروى من طريق هماّم بن منبّه أخى وهب وهما صاحبا الغرائب فى الإسرائيليات ، وأبو هريرة لم يصرح بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم فيحتمل أنه سمعه من كعب الأحبار إذ ثبت أنه روى عنه.
(٦) إنه قال هنا : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ) وقال هناك «فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ» فالاختلاف بين الإنزال والإرسال وهو خلاف لفظى ، وبين عليهم وعلى الذين ظلموا ، وبين يظلمون ويفسقون ، وفائدته بيان أنهم كانوا يجمعون بين الظلم الذي هو نقص للحق أو إيذاء للنفس أو للغير ، والفسق الذي هو الخروج عن الطاعة ، والرجز كما تقدم العذاب الذي تضطرب له القلوب أو يضطرب له الناس فى شئونهم ومعايشهم.