وهذا الجزاء تفصيل للعذاب البئيس الذي ذكر فى الآية السالفة ، وقيل إنه عذاب آخر ، فقد عاقبهم أولا بالبؤس والشقاء فى المعيشة ، إذ من الناس من لا يربيه ولا يهذبه إلا الشدة والبؤس ، ولما لم يزدهم البؤس إلا عتوّا وإصرارا على الفسق والظلم مسخهم مسخ خلق وجسم فكانوا قردة على الحقيقة وهذا ما يراه جمهرة العلماء ، أو مسخ خلق ونفس فكانوا كالقردة فى الطيش والشر والإفساد لما تصل إليه أيديهم وهذا رأى مجاهد قال : مسخت قلوبهم فلم يوفّقوا لفهم الحق.
وفى الآية إيماء إلى أن هذا المسخ كان لمخالفتهم الأوامر وتماديهم فى العصيان ولم يكن لاصطياد الحيتان فحسب
(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٧) وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٦٨) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦٩) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (١٧٠) وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١))
تفسير المفردات
قال سيبويه : أذّن : أعلم ، وأذّن : نادى وصاح للإعلام ومنه «فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ» ومثله تأذن ، ليبعثن : أي ليسلّطن ، ويسومهم : يذيقهم ويوليهم ، وقطعناهم : فرقناهم