في كثير من الآيات التي تحدثت عن المجتمعات التي واجهت الانبياء حينما جاؤها بمثل عليا حقيقية ترتفع عن الواقع وتريد ان تحرك هذا الواقع وتنتزعه من حدوده النسبية الى وضع آخر. واجه هؤلاء الانبياء مجتمعات سادتها حالة الالفة والعادة والتميع فكان هذا المجتمع يرد على دعوة الانبياء ويقول باننا وجدنا اباءنا على هذه السنة ، وجدنا آباءنا على هذه الطريقة ونحن متمسكون بمثلهم الاعلى ، سيطرة الواقع على اذهانهم وتغلغل الحس في طموحاتهم بلغ الى درجة تحول هذا من خلالها الى انسان حسي لا الى انسان مفكر ، الى الى انسان يكون ابن يومه دائما ، ابن واقعه دائما لا أبا يومه أبا واقعه. ولهذا لا يستطيع ان يرتفع على هذا الواقع.
لاحظوا القرآن الكريم وهو يقول « قالوا بل نتبع ما الفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون » (١).
» قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا ، أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون » (٢). « قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الارض وما نحن لكما بمؤمنين » (٣).
__________________
(١) سورة البقرة : الآية (١٧٠).
(٢) سورة المائدة : الآية (١٠٤).
(٣) سورة يونس : الآية (٧٨).