الضر والنفع وينادونهم تارة على الاستقلال وتارة مع ذى الجلال (وكفاك من شر سماعه) والله ناصر دينه ومطهّر شريعته من أوضار الشرك وأدناس الكفر.
وقد توسل الشيطان أخزاه الله تعالى بهذه الذريعة إلى ما تقرّ به عينه ويثلج به صدره من كفر كثير من هذه الأمة المباركة «وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً» إنّا لله وإنّا إليه راجعون اه.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً) أي قل لهم أيها الرسول : أخبرونى عن حالكم وما يمكنكم أن تفعلوه إن أتاكم عذا به الذي تستعجلون به فى وقت مبيتكم بالليل أو وقت اشتغالكم بلهوكم ولعبكم أو بأمور معاشكم بالنهار.
(ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) أي أىّ نوع من العذاب يستعجل منه المجرمون الكذابون؟ أعذاب الدنيا أم عذاب يوم القيامة؟ وأيا ما استعجلوا فهو حماقة وجهالة.
(أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) أي أيستعجل مجرموكم بالعذاب الذين هم أحق بالخوف منه بدل الإيمان الذي يدفعه عنهم ثم إذا وقع بالفعل آمنتم به حين لا ينفع الإيمان ، إذ هو قد صار ضروريا بالمشاهدة والعيان ، لا تصديقا للرسول عليه السلام.
(آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) أي وقيل لكم على سبيل التوبيخ آلآن آمنتم به اضطرارا ، وقد كنتم به تستعجلون تكذيبا به واستكبارا.
(ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ) أي ثم قيل للذين ظلموا أنفسهم بالكفر بالرسالة والوعد والوعيد تجرعوا عذاب الله الدائم لكم أبدا بحيث لا فناء له ولا زوال.
ثم بين أن هذا العذاب جزاء ما صنعوا فى الدنيا فقال :
(هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ؟) أي لا تجزون إلا بما كنتم تكسبون باختياركم من الكفر والظلم والفساد فى الأرض والعزم على الثبات عليه وعدم التحول عنه ، وليس فى هذا الجزاء شىء من الظلم ، لأنه أثر لازم لما عملوا فلم يعودوا أهلا للكرامة وجوار المولى فى جنة الخلد.