المعنى الجملي
بعد أن بين فى الآيات السالفة أنهم طلبوا منه أحد أمرين : إما الإتيان بقرآن غير هذا أو تبديله ؛ لأن فيه نبذا لآلهتهم وطعنا فيها وتسفيها لآرائهم فى عبادتها ـ نعى عليهم هنا عبادة الأصنام وبين لهم حقارة شأنها إذ لا تستطيع نفعا ولا ضرا ، فكيف يليق بالعاقل أن يعبدها من دون الله ، ويجعل لها الشفاعة عنده وليس لديهم برهان على ما يدّعون ، سبحانه وتعالى عما يشركون.
الإيضاح
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) أي ويعبدون ما لا يملك لهم ضرا ولا نفعا من الأصنام وغيرها حال كونهم متجاوزين ما يجب من عبادته تعالى وحده فهم يعبدونه ويعبدون معه غيره كما قال تعالى «وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ».
وفى الآية إيماء إلى أن سبب عبادتها وضلالهم فيما يدّعون هو اعتقادهم فيها القدرة على الضر والنفع ، فرد عليهم خطأهم بأنه وحده هو القادر على نفع من يعبده وضر من يشرك بعبادته غيره فى الدنيا والآخرة.
وقد دل تاريخ البشر فى كل طور من أطواره على أن كل ما عبده من دون الله من صنم أو وثن فإنما عبده لاعتقاده فيه القدرة على النفع والضر بسلطان له فوق الأسباب المعروفة كعبادته للأوثان المتخذة من الحجارة أو الخشب والأصنام المصنوعة من المعادن والحجارة أو غير المصنوعة كاللات ، وهى صخرة كانت بالطائف يلتّ عليها السويق عظّمت حتى عبدت ، أو الأشجار كالعزّى معبودة قريش.
(وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) أي ويقولون فى سبب عبادتهم لهم مع اعتقادهم أنهم لا يملكون الضر والنفع بأنفسهم إيمانهم بأن الرب الخالق هو الله تعالى ، وهؤلاء شفعاء عنده ونحن إنما نعبدهم ونعظم هيا كلهم ونطيّبها بالعطر ونقدم لهم النذور