غسل الجمعة مثل غسل الاستخارة ، وغسل ليلة القدر مثل ليالي الفرادى ، وقس على هذا.
وأيضا بعضها للزمان لا غيره ، وبعضها للمكان لا غيره وبعضها للفعل لا غيره ، فبين هذه الأغسال أيضا تضادّ أو تناقض ، ولا يجوز اجتماعهما في شخص واحد ، كما ستعرف ، فكيف يكون الكلّ شخصا واحدا حتّى يكون قصد واحد منها قصد الكلّ وكافيا في الامتثال بالنسبة إلى الجميع؟
وما قال في «المدارك» و «الذخيرة» : أنّ القول بالإجزاء غير بعيد (١) فيه ما فيه لأنّ المكلّف إذا لم يرد أمرا كيف يستحقّه ويعطى مع عدم إرادته وطلبه؟ «إنّما لكلّ امرء ما نوى» (٢).
والإجزاء لا يكون إلّا بالامتثال ، والامتثال لا يكون إلّا بقصده وقصد الإطاعة ، بل مرّ أنّ قصد التعيين شرط لتحقّق الإطاعة ، إلّا أن يثبت من الشرع عدم الحاجة إليه في موضع.
فان قلت : إنّ الأئمّة عليهمالسلام لم يتوجّهوا في الأخبار الدالّة على التداخل إلى قصد التعيين في الإطاعة والإجزاء.
قلت : إنّهم عليهمالسلام لم يتعرّضوا في غير موضع التداخل أيضا من المواضع التي لا تأمّل في اشتراطه واعتباره من الجهة التي مرّ ذكرها ، بل لم يتعرّضوا لذكر قصد الامتثال أصلا في عبادة من العبادات ، وما دلّ على اعتبارهما يشمل المقام أيضا.
فإن قلت : يمكن أن يكون حال تحقّق الاستحباب وترتّب الثواب في الأغسال المستحبّة حال المصلّين جماعة ، فإنّ ثوابهم يزيد ويتضاعف بتلاحق المأمومين ، مع أنّه غير مترتّب على قصدهم ، ولا يتوقّف على إرادتهم.
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ١٩٦ ، ذخيرة المعاد : ٩.
(٢) عوالي اللآلي : ٢ / ١١ الحديث ٢٠ ، ١٩١ الحديث ٨١.