وافق العامّة ، واختار طريقتهم حتّى في مثل حجّية القياس الذي حرمة العمل به من ضروريّات مذهب الشيعة الآن ، يحكم كلّ موافق ومخالف أنّها مذهب الشيعة.
وممّا ينادي بذلك أنّ ما نقل من عبارته الدالّة على طهارتهم ، وبسببه نسب هذا القول إليه أنّه قال في مختصره : ولو تجنّب من أكل ما صنعه أهل الكتاب من ذبائحم وفي آنيتهم ، وكذلك ما صنع في أواني مستحلّ الميتة ومؤاكلتهم ، وما لم يتيقّن طهارة أوانيهم وأيديهم كان أحوط (١) ، انتهى.
وهذا صريح في الحكم بحلّية ذبيحة أهل الكتاب أيضا ، وسيجيء في موضعه أنّه ليس مذهب الشيعة.
وفي «المدارك» نسب إلى ابن أبي عقيل القول بعدم نجاسة أسآرهم (٢). وفيه ، أنّه لم يقل بانفعال الماء القليل مطلقا ، ولذا قال بعدم نجاسة خصوص الأسآر ، فإنّه ينادي بأنّه لم يقل بطهارتهم ، ولذا لم ينسب إليه القول بطهارتهم ، إذ لا يحسن أن يقول أحد : أنّ سؤر المؤمن طاهر.
بل لم يظهر من ابن الجنيد أيضا القول بطهارتهم ، إذ الذي ظهر من كلامه طهارة ما صنعه أهل الكتاب كطهارة ما صنع في أواني مستحلّ الميتة ، وهما ممّا لا نزاع لأحد فيه ، لعدم اليقين بالنجاسة ، بل صرّح الفقهاء بطهارة أواني الكفّار وأمثالها.
نعم ، مظنّة النجاسة وتهمتها موجودتان ، وهما يقتضيان الاحتياط خاصة ، كما ذكره.
إذا عرفت ما ذكرنا ، لم يظهر خلاف به أصلا ، ولذا لم يعدّ المحقّقون هذه المسألة خلافيّة ، بل وادّعوا الإجماع.
__________________
(١) نقل عن مختصره في الحدائق الناضرة : ٥ / ١٦٢ و ١٦٣.
(٢) مدارك الأحكام : ٢ / ٢٩٥.