مع أنّ الإجماع والنصّ المذكورين ، لعلّهما وصلا حدّ الضرورة في غير الميتة.
بل بهما أبطلوا رأي العلّامة فيها ، وأين واحد منهما من الحكم باستحباب الغسل يابسا؟ ممّا لم يذهب إليه أحد ، فضلا عن اجتماعهما ، فضلا عن اجتماع جميع ما ذكر وسيذكر.
وممّا ذكر ظهر التقريب في الصحاح الآتية ، ممّا هي مثل هذه الصحيحة فتدبّر (١).
وصحيحته الاخرى عن الصادق عليهالسلام (٢) عن آنية أهل الذمّة ، فقال : «لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون و [لا في] آنيتهم التي يشربون منها» (٣) الحديث.
والظاهر أنّ المراد آنيتهم التي يأكلون منها ، بقرينة ذيل الحديث ، والتقريب عرفت ، مضافا إلى أنّ المنع من طعامهم للعلم العادي بالمباشرة ، أو الظنّ المتاخم له ، فلو كانوا طاهرين ، لما كان للمنع وجه أصلا.
ولذا لم يرد منع عن الذي يطبخه من قال بطهارة المني ورشاشة البول والدم ، وأمثال ذلك.
وكذا من لم يبال منها ، فلا يرد أنّ أمثال هذه الأخبار غير باقية على ظواهرها ، لعدم اليقين بالمساورة برطوبة ، وكلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه نجس ، لأنّ النجاسة ثبوتها من أمر الشارع بالاجتناب ، كما هو الحال في نجاسة الرطوبة التي تخرج من مخرج البول بعده إلّا أن يستبرئ ، وأمثال ذلك ، فلو لم يكن البول نجسا ، لما أمر بالاجتناب عن تلك الرطوبة.
__________________
(١) لم ترد في (د ٢) من قوله : والتقريب. إلى قوله : فتدبّر.
(٢) في المصدر : سألت أبا جعفر عليهالسلام.
(٣) الكافي : ٦ / ٢٦٤ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٥١٧ الحديث ٤٣٣٧ مع اختلاف يسير.