ويظهر من ابن إدريس أيضا ادّعاؤه الإجماع على ذلك (١). وهو المعتمد.
لنا عليه وجوه من الأدلّة :
الأوّل : الإجماع المنقول ، بل لعلّه الواقع أيضا ، لعموم البلوى (٢) أي عدم ندرة وقوعه ، بل كثرة وقوعه بين الناس ، ولما يظهر من ملاحظة الأخبار من كثرة وقوعه في ذلك الزمان ، إلى أن عدّ المعصوم عليهالسلام الدبر من النساء من الموضع المأتي للرجال ، بل قال عليهالسلام : «هو أحد المأتيّين» (٣) الظاهر في مساواتهما في محلية إتيان الرجال ، وجعل ذلك علّة للغسل. إلى غير ذلك ممّا ورد في الأخبار ، وظهر من التأمّل فيها.
فمثل هذا ربّما اشتدّ الحاجة إلى معرفة حاله ، وربّما لا يتيسّر للنساء الغسل ، فلو كان جائزا لشاع وذاع واشتهر الفرق.
مع أنّ الأمر صار بالعكس عملا في الأعصار والأمصار وفتوى ، حتّى أنّ الشيخ الذي نقل عنه الخلاف في «النهاية» و «الاستبصار» (٤) رجع عنه في باقي كتبه كـ «المبسوط» ، فإنّه قال في كتاب النكاح : الوطء في الدبر يتعلّق به أحكام الوطء في الفرج ، من ذلك إفساد الصوم ، ووجوب الكفّارة ، ووجوب الغسل (٥).
بل ربّما يظهر من كتاب الصوم منه موافقته مع السيّد في دعوى الإجماع ،
__________________
(١) السرائر : ١ / ١٠٧ و ١٠٨.
(٢) في (د ٢) : وشدّة الحاجة ، وكمال الرغبة بالنسبة إلى الثبات ، بدل قوله : أي عدم. إلى قوله : معرفة حاله.
(٣) تهذيب الأحكام : ٧ / ٤١٤ الحديث ١٦٥٨ ، ٤٦١ الحديث ١٨٤٧ ، الاستبصار : ٣ / ٢٤٣ الحديث ٨٦٨ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٢٠٠ الحديث ١٩٢١.
(٤) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٣٢٤ ، لاحظ! النهاية للشيخ الطوسي : ١٩ ، الاستبصار : ١ / ١١٢ ذيل الحديث ٣٧٣.
(٥) المبسوط : ٤ / ٢٤٣.