حقيقة غير مطبوخ ظاهرا ، والمطبوخة (١) وعدمها وصفان ، يتبدّل أحدهما بالآخر ، فليس تغيّر الموضوع بالماهيّة ، بل بالوصف ، وسيجيء تمام التحقيق في ذلك في مبحث طهارة نحو الكلب الصائر ملحا.
ومع ذلك يمكن أن يقال : إنّ الإجماع المنقول والصحيحة المذكورة حجّتان للفقيه ، فلا يضرّ الاستصحاب ، لأنّه لا يعارض النصّ ، والاحتياط واضح.
واعلم! أنّ في «المنتهى» قال : البخار المتصاعد من الماء النجس إذا اجتمعت منه نداوة على جسم صيقلي وتقاطر فهو نجس ، إلّا أن يعلم تكوّنه من الهواء ، كالقطرات الموجودة على طرف إناء في أسفله جمد نجس ، فإنّها طاهرة (٢) ، انتهى. والاحتياط فيما ذكره.
فأمّا الحكم بالنجاسة ، فربّما لا يخلو عن إشكال ، لأنّ البخار غير معلوم اتّحاد ماهيّته مع ماهيّة الماء النجس ، إذ ما دام بخارا لا يكون ماء قطعا ، ولذا لا تصحّ الطهارة بما عن الحدث والخبث. ولا يكفي في غسل الوجه واليدين مثلا إحاطة البخار إيّاها وشموله لها. وكذا بعد زوال العين من النجس لا يطهر المحلّ بمجرّد شمول البخار له ، بل البخار الذي يصعد من الغائط أو البول في الشتاء غير ظاهر كونه نجسا معفوّا ، أو غير معفوّ ، إذ يصل إلى البدن والثياب البتّة.
نعم ، إن أراد التصعيد (٣) ، بأن يكون (٤) الأجزاء من الماء النجس صعّده النار لسخونتها ، ثمّ جمع على الصيقل وتقاطر ، يكون الأمر كما ذكره ، وسيجيء في المبحث المذكور تحقيق هذا أيضا.
__________________
(١) كذا في النسخ ، والظاهر أنّ الأصحّ : والمطبوخيّة.
(٢) منتهى المطلب : ٣ / ٢٩٢.
(٣) في بعض النسخ : التصعّد.
(٤) في (ك) : يتكون.