على أنّه لو تمّ ما ذكره ، فإنّما يتمّ بالنسبة إلى ما علم يقينا أنّه بخار النجس.
وأمّا إذا احتمل تكوّنه من الهواء أو غيره ، ولو باحتمال بعيد في غاية البعد لم يضرّ ، لما عرفت من أنّ الحكم بالنجاسة فرع القطع أو اليقين ، ولا يكفي الظن والتخمين ، بل الظن المتاخم إلى العلم أيضا.
وممّا ذكر ظهر حال القطرات النازلة من سقف الحمّام وأمثاله ، والأبخرة المتصاعدة من بئر الكنيف وأمثاله. وكذا الأبخرة المتصاعدة من سطوح أرض الحمّام وجدرانه ، وبخار نفس الحمّام وأمثاله ، مع أنّ التنزّه عن غالب ما ذكر حرج وعسر البتّة ، وربّما كان حرجا عظيما.
ويدلّ على ما ذكرنا طريقة الأئمّة عليهمالسلام والفقهاء والمسلمين في الأعصار والأمصار.
وورد في الحديث : أنّ المعصوم عليهالسلام تعجب من الشخص الذي كان يستنجي من خروج الريح من مقعدته (١) ، فتأمّل جدّا!
ثمّ اعلم! أنّ الاستحالة من حيث هي هي عدّها الفقهاء من المطهّرات ، منها ما نقل اتّفاقهم عليه ، ومنها محلّ الخلاف بينهم.
أمّا الأوّل ، استحالة النطفة حيوانا طاهرا ، والماء المنجس بولا لحيوان مأكول اللحم ، أو عرقا أو لعابا ونحوه ، أو جزء من البقول والخضروات والحبوب والأشجار والثمار ونحوها ، والغذاء النجس لبنا أو روثا لمأكول اللحم ، وكذا خرء له ونحوه ، والدم النجس قيحا أو صديدا ، أو دم ما لا نفس له ، مثل البق والبرغوث والقمّل ، والخمر خلّا ، وكذا سائر المسكرات.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢ الحديث ٦٥ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٤٤ الحديث ١٢٤ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٤٥ الحديث ٩١٦.