و «الفوائد» (١) وغيرهما (٢).
مثلا : عرفت أنّ الماء المطلق يصحّ الطهارة منه للحدث والخبث ، فإذا تغيّر ماهيّة الموضوع ، صار الحكم حكما آخر ، لا أنّ الحكم الأوّل باق. فإنّ الماء لو صار هواء أو بخارا ، أو ملحا أو بولا لحيوان أو إنسان ، أو رطوبة لهما ، أو أمثال ذلك ، فمعلوم عدم الرابطة بين الحكم الأوّل وهو كون الماء المطلق يصحّ الوضوء ، والحكم الثاني وهو صحّة الوضوء بالبول ، أو الهواء ، أو البخار بل لو صار هذا الماء مضافا ، بأنّ صار ماء ورد مثلا فلا يصحّ الوضوء منه جزما ، لأنّ الحكم من الشارع علّق بلفظ الماء ، وهو حقيقة في المطلق ، كما علّق الحكم بالنجاسة بلفظ الخمر ، ودم ماله نفس سائله ، وأمثالهما. فإذا صار خلّا أو دم ما لا نفس له صارا طاهرين ، للأصل وعدم كونهما خمرا ودم ما لا نفس له.
نعم ، لو كان الماء الذي صار ماء الورد نجسا ، لم يصر طاهرا ، بصيرورته ماء الورد.
والفرق بين الحكم بالنجاسة والحكم بصحّة الوضوء أنّ الثاني علّق على لفظ الماء ، كما قلنا ، والأوّل لم يعلّق من كلام الشارع على لفظ الماء من حيث هو ماء ، بل على أنّه جسم رطب مثلا.
فإنّ الذي ثبت من كلام الشارع أنّ الجسم الرطب متى لاقى نجاسة نجس ، إذ كلّ جسم لاقى نجاسة رطبة نجس ، فبصيرورته ماء الورد لم يتغيّر موضوع الحكم تغيّرا مانعا عن جريان الاستصحاب ، والاستصحاب هو استمرار الحكم الذي ثبت لموضوع إلى أن يثبت خلافه ، وإن حصل بعض تغيّر في أحوال ذلك
__________________
(١) الفوائد الحائريّة : ٢٨١ الفائدة ٢٧.
(٢) الرسائل الفقهيّة : ١٥.