الموضوع ، وبذلك حصل الشكّ في بقاء حكمه ، مثل المياه القليلة النجسة المتفرّقة إذا ضمّ بعضها بعض الآخر ، فصار المجموع المنضمّ قدر كرّ ، وقس عليه سائر موارده.
مع أنّ الدليل على حجّية الاستصحاب هو الأخبار المعتبرة الكثيرة والاستقراء والأوّل لا يشمل سوى ما ذكرنا ، إذ الظاهر والمتبادر من قولهم عليهمالسلام : لا تنقض اليقين ـ بحكم شرعي ـ بالشكّ بعده أبدا (١) كون موضوع ذلك الحكم باقيا على ماهيّته ، لا أن يصير موضوعا آخر لحكم آخر غير هذا الحكم جزما ، فإنّ الماء ما دام يكون من أفراد الماء حقيقة لم يتغيّر موضوع الحكم المتعلّق بالماء من حيث هو ماء ، وإن كان متّصفا بوصف القلّة أو التغيّر وأمثالهما من الأوصاف التي تغيّرها صار منشأ لانعدام الحكم عند منكر الاستصحاب ، وبقائه عند القائل به فإذا صار ذلك الماء هواء أو أرضا ونحوهما ، فلا شكّ في انعدام الحكم عند الكلّ ، سواء كان الحكم صحّة الوضوء أو النجاسة.
أمّا الأوّل ، ففي غاية الظهور ، لأنّ الحكم علّق على لفظ الماء من حيث هو هو.
وأمّا الثاني ، فلأنّ أهل العرف لا يفهمون من قول الشارع : كلّ شخص من الجسم الملاقي للنجس نجس لا من حيث تشخّصه ، بل من حيث أنّه ملاق لها أنّ ذلك الهواء مثلا أيضا نجس ، من جهة قولهم عليهمالسلام : لا تنقض اليقين ـ بحكم شرعي ـ بالشكّ ، والمعتبر فهم العرف العام والوثوق في فهمهم ، فلو كان موضع تغيّر الأفهام فيه مثل صيرورة الخشب النجس فحما ، فلا عبرة به.
فإذا حصل الشكّ في دخوله في أدلّة الاستصحاب فالأصل طهارته.
وإذا حصل الشكّ في أنّه هل تغيّر الموضوع بالماهيّة بالنحو الذي لا يجري
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٨ الحديث ١١ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٥ الحديث ٦٣١.