فى نويتين؟ فتقولوا إنه لا يقدر على حشر الموتى من قبورهم ، وتنسبوا إليه الأولاد وتقولوا إنه لم يبعث أنبياء ـ أي كيف تقولون هذا ، مع أنه خلق الأرض في يومين.
(وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) أي وتجعلون له أندادا وأمثالا من الملائكة والجن والأصنام والأوثان.
ثم شدد عليهم في الإنكار وبين أن مثل هذا لا ينبغى أن يكون فقال :
(ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ) أي ذلك الذي خلق الأرض في نوبتين نوبة جعلها جامدة بعد أن كانت كرة غازية ، ومرة جعلها ستا وعشرين طبقة في ستة أطوار كما بين ذلك علماء طبقات الأرض (الجلوجيا) ـ هو رب العالمين لا ربها وحدها ، فهو مربّى المخلوقات جميعا ، فإن رباها في نوبتين فقد ربى غيرها في نوبات يعلم سبحانه عددها ، فكيف يكون شىء منها ندّا له وضريبا؟.
ثم بين إحكام ذلك الخلق وحسن تدبيره فقال :
(وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها) أي وجعل فيها جبالا ثوابت مرتفعة عليها ، أسسها في الأرض وهى الطبقة الصوانية ، وهذه الطبقة هى التي برزت منها الجبال ، فالجبال أساسها بعيدة الغور ضاربة في جميع الطبقات واصلة إلى أول طبقة ، وهى الطبقة الصوانية التي لولاها لم تكن الأرض أرضا ولم نستقر عليها ؛ فأرضنا كرة من النار غطيت بطبقة صوّانية فوقها طبقات ألطف منها تكوّن فيها الحيوان والنبات على مدى الزمان ، والجبال نتوءات نتأت من تلك الطبقة وارتفعت فوقها عشرات آلاف الكيلو مترات ، وصارت محازن للمياه والمعادن وهداية للطرق وحافظة للهواء والسحاب.
(وَبارَكَ فِيها) أي وجعلها مباركة كثيرة الخيرات بما خلق فيها من المنافع ، فجعل جبالها مبدأ لجريان الأنهار ، ومخزنا للمعادن كالذهب والفضة والحديد والنحاس.
(وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) أي قدر لأهلها من الأقوات ما يناسب حال كل إقليم من مطاعم وملابس ونبات ، ليكون بعض الناس محتاجا إلى بعض ، فتروج المتاجر بينهم