وتنتقل المحصولات من بلد إلى آخر ومن قطر إلى قطر ، وفي هذا عمار للأرض وانتظام أمور العالم.
ثم ذكر فذلكة لما تقدم فقال :
(فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) أي إن خلق الأرض وجعل الرواسي فيها في نوبتين ، وإكثار خيراتها وتقدير أقواتها في نوبتين فيكون ذلك في أربع نوبات كما يقول القائل خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام وإلى الكوفة في خمسة عشر يوما : أي في تتمة خمسة عشر يوما.
وقصارى ذلك ـ إن حصول جميع ما تقدم من خلق الأرض وخلق الجبال الرواسي فيها وتقدير الأقوات في أربعة أيام.
(سَواءً لِلسَّائِلِينَ) أي في أربعة أيام كاملة وفق مراد طالب القوت ومن له حاجة إليه وهو كل حيوان على وجه الأرض كما قال : «يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» فالناس والحيوان جميعا كلهم سائلون ربهم ما يحتاجون إليه من طعام وشراب ولباس ورداء ـ سؤالا طبيعيا مغروسا في جبلّتهم.
ولما كان الإنسان يهتمّ بحال ما حوله من الأرض قدّم ذكرها وبين أنها هى وما عليها قد كوّنها في أربع نوبات ، فنوبة لتجمد المادة الأرضية بعد أن كانت غازا ، ونوبة لتكميل بقية طبقاتها ويدخل في ذلك معادنها ، ومرة للنبات وأخرى للحيوان.
ولما انتهى من الكلام في الأرض أخذ يذكر السماء ، فالترتيب في الذكر فحسب فقال :
(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) أي ثم دعا داعى الحكمة إلى خلق السماء وهى مادة غازية أشبه بالدخان أو بالسحاب أو بالسديم ؛ وتسمى في العلم الحديث (عالم السديم) وقد شاهدوا من تلك العوالم اليوم عوالم كثيرة في عالم السديم آخذة فى البروز كما برزت شمسنا وسياراتها ، وأرضها وكانت في الأصل دخانا.