الإيضاح
(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ. إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) أي قل أيها الرسول لمشركى قومك المكذبين لما جئتهم به من الحق : إن أعرضتم عما جئتكم به من عند الله فإنى أنذركم بحلول نقمته بكم كما حلت بالأمم الماضية التي كذبت رسلها كعاد وثمود ومن على شاكلتهما ممن فعل فعلهما حين جاءتهم الرسل في القرى المجاورة لبلادكم ، وأمروا أهلها بعبادة الله وحده ، فكذبوهم واستكبروا عن إجابة دعوتهم ، واعتذروا بشتى المعاذير كما ذكر ذلك سبحانه بقوله :
(قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) أي قالوا إنا لا نصدق برسالتكم فما أرسل الله بشرا ، ولو أرسل رسلا لأنزل ملائكة ، وإذا فلا نتبعكم وأنتم بشر مثلنا.
وقد تقدم في غير موضع دفع هذه الشبهة الداحضة التي جاءوا بها. وقوله : «بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ» ليس إقرارا منهم بكونهم رسلا ، بل ذكروه استهزاء بهم كما قال فرعون : «إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ».
أخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال «قال أبو جهل والملأ من قريش : قد التبس علينا أمر محمد ، فلو التمستم رجلا عالما بالسحر والكهانة والشعر فكلمه ، ثم أتانا ببيان من أمره. فقال عتبة بن ربيعة : والله لقد سمعت السحر والكهانة والشعر ، وعلمت من ذلك علما ، وما يخفى علىّ إن كان كذلك ، فأتاه فقال : يا محمد أنت خير أم هاشم ، أنت خير أم عبد المطلب؟ فلم يجبه ، قال : لم تشتم آلهتنا وتضللنا؟ إن كنت تريد الرياسة عقدنا لك اللواء فكنت رئيسنا ، وإن تكن بك الباءة (الميل إلى قربان النساء) زوجناك عشر نسوة تختارهن ، أىّ بنات من