أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (٢٩))
تفسير المفردات
وقيضنا : أي ويسرنا وهيأنا ، قرناء : واحدهم قرين : أي أخدانا وأصحابا من غواة الجن والإنس ، والغوا فيه : أي عارضوه باللغو والباطل حين يقرأ لتهوّشوا عليه ، دار الخلد : أي دار الإقامة المستمرة ، تحت أقدامنا : أي ندوسهما بهما انتقاما منهما.
المعنى الجملي
اعلم أنه تعالى لما ذكر الوعيد الشديد في الدنيا والآخرة على الكفر والمعاصي أردف ذلك ذكر السبب الذي من أجله وقعوا في الكفر ، ثم حكى عنهم جناية أخرى وهى أنهم كانوا إذا سمعوا القرآن أعملوا الحيلة في عدم إسماع الناس له حتى لا يتدبروا معناه ، فتشاغلوا حين قراءته برفع الأصوات وإنشاء الأشعار حتى يهوّشوا على القارئ ويغلبوا على قراءته ؛ ثم ذكر أنهم حين يقعون في العذاب الشديد يطلبون أن يروا من كانوا السبب في وقوعهم في الضلال من الجن والإنس ليدوسوهم تحت أقدامهم ، انتقاما منهم على أن صيروهم في هذه الهاوية.
الإيضاح
(وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) أي وسلطنا عليهم إخوانا وأعوانا من شياطين الجن والإنس ، فزينوا لهم ما بين أيديهم من أمر الدنيا من الضلالة والكفر واتباع الشهوات ، وما خلفهم من أمر الآخرة ، فألقوا إليهم أن لا جنة ولا نار ، ولا بعث ولا حساب ، إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا ، وما يهلكنا إلا الدهر ،