المعنى الجملي
بعد أن ذكر أن قرناء السوء يدعون إلى المعاصي ـ أردف ذلك ذكر حال أضدادهم الذين يدعون الناس إلى توحيد ربهم وطاعته ، ثم أعقب هذا بأن الحسنة والسيئة لا يستويان ثوابا عند الله ، تم أمر رسوله بدفع سفاهات المشركين وجهالاتهم بطريق الحسنى ، لما في ذلك من تآلف القلوب ، وارعواء النفوس عن غيّها ، وثوبها إلى رشدها ، وأرشد إلى أن هذه فعلة لا يتقبلها إلى الصابرون على احتمال المكاره ، ومن لهم حظ عظيم من الثواب عند الله ، ثم ختم ذلك بتلك النصيحة الذهبية ، وهى أنه إذا صرف الشيطان المرء عن شىء مما شرعه الله فليتعوذ من شره ولا يطعه في أمره ، والله سميع لما يقول ، عليم بكل ما يفعل ، وهو المجازى له على ذلك.
الإيضاح
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟) أي لا أحد أحسن قولا ممن جمع بين خصال ثلاث :
(١) الدعاء إلى توحيد الله وطاعته ، قال ابن سيرين والسّدى وابن زيد والحسن : والداعي هو رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وكان الحسن إذا تلا هذه الآية يقول : هذا رسول الله ، هذا حبيب الله ، هذا ولىّ الله ، هذا صفوة الله ، هذا خيرة الله ، هذا والله أحب أهل الأرض إلى الله ، أجاب الله في دعوته ، ودعا الناس إلى ما أجاب إليه.
(٢) العمل الصالح بعمل الطاعات ، واجتناب المحرمات.
(٣) أن يتخذ الإسلام دينا ويخلص إلى ربه ، من قولهم : هذا قول فلان أي مذهبه ومعتقده.
وقد يكون المراد أنه يتلفظ بذلك ابتهاجا بأنه منهم وتفاخرا به مع قصد الثواب.