ونحو الآية على المعنى الأول قوله : «كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ».
وعلى المعنى الثاني قوله : «إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ».
ثم ذكر علة أمره بالصبر فقال :
(إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) أي إن ربك لذو مغفرة للتائبين إليه من ذنوبهم بالصفح عنهم ، وذو عقاب مؤلم لمن أصرّ على كفره ومات على ذلك قبل التوبة.
ثم أجاب عن شبهة قالوها ، وهى : هلا نزل القرآن بلغة العجم فقال :
(وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ؟) أي ولو جعلنا هذا القرآن الذي أنزل إليك بلغة العجم ـ لقال قومك من قريش : هلا بينت أدلته وما فيه من حكم وأحكام بلغة العرب حتى نفقهه ونعلم ما هو وما فيه ، وكانوا يقولون منكرين : أقرآن أعجمى ولسان المرسل إليهم عربى؟
وخلاصة ذلك ـ لو نزل بلسان أعجمى لقالوا هلا بينت آياته باللسان الذي نفهمه ، ولقالوا : أكلام أعجمى والمرسل إليهم عرب خلّص؟
ثم بين حال القرآن لدى المؤمنين والكافرين فقال :
(قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ) أي قل لهم ردّا على قولهم «وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ» : إن هذا القرآن للذين صدقوا بما جاءهم به من عند ربهم ـ هاد إلى الحق ، شاف لما في الصدور من ريبة وشك ، ومن ثم جاء بلسانهم معجزا بيّنا في نفسه مبينا لغيره.
ونحو الآية قوله : «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ».
(وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) أي والذين لا يؤمنون بالله