ثم بين ما سلف فقال :
(فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) أي فحلّ بهم جزاء سيئات ما كسبوا من الأعمال ، فعوجلوا بالخزي في الدنيا كالخسف الذي لحق بقارون ، والصاعقة التي نزلت بقوم لوط ، وسيصيبهم النكال الدائم في الآخرة.
ثم أوعد سبحانه مشركى قومه على ما سينالهم في الدنيا والآخرة فقال :
(وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) أي والذين كفروا بالله من قومك وظلموا أنفسهم سيصيبهم أيضا وبال السيئات التي اكتسبوها ، كما أصاب الذين من قبلهم ، فأصابهم القحط سبع سنين متوالية وقتل صناديدهم يوم بدر ، وأسر منهم العدد الكثير.
(وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) أي وما هم بفائتين الله هر با يوم القيامة ، بل مرجعهم إليه ويصنع بهم ماشاء من العقوبة.
ثم أقام سبحانه الدليل على عظيم قدرته وبديع حكمته فقال :
(أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ؟) أي أولم ير هؤلاء المشركون أن الله هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء تارة ، ويضيق على من يريد أخرى ، كما يشاهد من اختلاف الناس في سعة الرزق وضيقه ، وليس ذلك لجهل في الكاسب أو علم لديه ، فربما كان العاقل القادر ضيق الرزق ، والجاهل أو المريض ذا سعة وبسطة في المال.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أي إن في هذا لدلالات لقوم يؤمنون بالله ويقرون بوحدانيته ، وهم الدين يعلمون أن الذي يفعل ذلك هو الله لا سواه.
وإنما خص المؤمنين بذلك ، لأنهم المنتفعون بالآيات ، المتفكرون فيها.