بمغفرته ورحمته على عباده ، المتوجهين إليه في طلب العفو ، الملتجئين إليه في مغفرة ذنوبهم.
ثم ذكر علة ذلك فقال :
(إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) بهم أن يعاقبهم على ذنوبهم بعد التوبة منها.
فمن أبى هذا التفضل العظيم ، والعطاء الجسيم ، وظن أن تقنيط عباد الله وتأييسهم من رحمته ـ أولى بهم مما بشرهم الله به ـ فقد ركب أعظم الشطط ، وغلط أقبح الغلط ، فإن التبشير هو الذي جاءت به نصوص الكتاب ، وهو المسلك الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صح عنه من قوله : «يسّروا ولا تعسّروا ، وبشّروا ولا تنفّروا».
وبعد أن وعد سبحانه بالمغفرة أمر بشيئين :
(١) الإنابة إليه بقوله : (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) أي أيها الناس أنيبوا إلى ربكم بالتوبة ، وارجعوا إليه بالطاعة ، واستجيبوا إلى ما دعاكم إليه من توحيده وإفراد الألوهية قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تجدوا نصيرا ولا معينا من عذابه النازل بكم.
(٢) اتباع الأحسن بقوله : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) أي واتبعوا ما أمركم به ربكم في تنزيله ، واجتنبوا ما نهاكم عنه فيه ، من قبل أن يأتيكم العذاب فجأة وأنتم لا تعلمون به حتى يغشاكم ، ولا يخفى ما في هذا من تهديد ووعيد.
ولما خوّفهم بالعذاب ذكر علة ذلك فقال :
(١) (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) أي بادروا إلى العمل واحذروا أن تقول بعض الأنفس : يا حسرتا على تقصيرى فى طاعة الله ، وسخريتى واستهزائى بدين الله وكتابه ، وبرسوله وبالمؤمنين.