يلونهم ، كل طائفة منهم مع من يشاكلهم ، الأنبياء مع الأنبياء ، والصديقون مع أشكالهم ، والشهداء مع أضرابهم ، والعلماء مع أقرانهم.
والمراد بالسوق هنا الإسراع بهم إلى دار الكرامة والرضوان كما يفعل بمن يكرّم من الوافدين على بعض الملوك ؛ وبالسوق المتقدم طردهم إلى العذاب والهوان كما يفعل بالأسير إذا سبق إلى الحبس أو القتل ، فشتان ما بين السوقين.
(حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) أي حتى إذا وصلوا إليها وقد فتحت لهم أبوابها ، كما تفتح الخدم باب المنزل للضيف قبل قدومه وتقف منتظرة حضوره فرحا بمقدمه ـ فرحوا بما أفاء الله به عليهم من النعيم ، وبما شاهدوا مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر روى عن عمر بن الخطاب أنه قال : «ما منكم من أحد يتوضأ فيسّبغ الوضوء ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء» أخرجه مسلم وغيره.
وروى عن أبى هريرة أنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والذين يلونهم على ضوء أشد كوكب درىّ فى السماء إضاءة».
واخرج الشيخان وغيرهما عن سهل بن سعد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : «فى الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمّى الريان لا يدخله إلا الصائمون» ثم أخبر سبحانه أن خزنة الجنة يسلمون على المؤمنين فقال :
(وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أي وقال لهم الخزنة : سلام عليكم من جميع المكاره والآلام ، فلا يعتريكم مكروه بعد ذلك.
(طِبْتُمْ) نفسا بما أتيح لكم من النعيم المقيم ، وقد يكون المعنى : طبتم في الدنيا فلم تدنسوا أنفسكم بالشرك والمعاصي ، وطاب سعيكم ، وطاب جزاؤكم.