فى أول الكلام نحو (ألا) و (يا) وينطق بأسمائها فيقال (حاميم) بتفخيم الألف وتسكين الميم ، ويجمع على حواميم وحواميمات ، وأنكر ذلك الجواليقي والحريري وابن الجوزي وقالوا لا يقال ذلك بل يقال آل حم ، ويؤيد ذلك أن صاحب الصحاح نقل عن الفرّاء أن قول العامة الحواميم ليس من كلام العرب ، وحديث ابن مسعود وقد تقدم : إذا وقعت في آل حم فقد وقعت في روضات دمثات أتأنق فيهن ، وعلى هذا قول الكميت بن زيد في الهاشميات :
وجدنا لكم في آل حم آية |
|
تأولها منا تقىّ ومعزب |
يريد بذلك قوله تعالى : «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) أي هذا القرآن تنزيل من الله الغالب القاهر في ملكه ، الكثير العلم بخلقه ، وبما يقولون وما يفعلون.
وفي هذا إيماء إلى أنه ليس بمتقوّل ولا مما يجوز أن يكذّب به.
(غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ) أي وهو الذي يغفر ما سلف من الذنوب ، ويقبل التوبة في مستأنف الأزمنة لمن تاب وخضع ، وهو شديد العقاب لمن تمرد وطغى وآثر الحياة الدنيا وعتا عن أوامر الله وبغى ، المتفضل على عباده ، المتطول عليهم بما هم فيه من المنن والنعم التي لا يطيقون القيام بشكرها ولا شكر واحدة منها كما قال : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها).
وذكر (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ) لترغيب عباده العاصين ، وذكر (شَدِيدِ الْعِقابِ) لترهيبهم ، وفي مجموع هذا الحثّ على فعل المراد من تنزيل الكتاب وهو التوحيد والإيمان بالبعث والإخلاص لله في العمل والإقبال عليه ، وقد جمع القرآن هذين الوصفين في مواضع كثيرة منه كقوله : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) ليبقى العبد بين الرجاء والخوف.