المنكرات ، واجعل بينهم وبين عذاب الجحيم وقاية بأن تلزمهم الاستقامة ، وتتم نعمتك عليهم ، فإنك وعدت من كان كذلك بالبعد عن هذا العذاب ، ولا يبدّل القول لديك.
قال مطرّف بن عبد الله : وجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة ، ووجدنا أغش عباد الله لعباد الله الشيطان ، وتلا هذه الآية.
وقال خلف بن هشام البزّار القارئ : كنت أقرأ على سليم بن عيسى ، فلما بلغت «وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا» بكى ، ثم قال يا خلف : ما أكرم المؤمن على الله ، يكون نائما على فراشه والملائكة يستغفرون له.
(رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) أي ربنا وأدخلهم الجنات التي وعدتهم إياها على ألسنة رسلك ، وأدخل معهم في الجنة الصالحين من الآباء والأزواج والذرية ، لتقرّبهم أعينهم ، فإن الاجتماع بالأهل والعشيرة في موضع السرور يكون أكمل للبهجة وأتم للأنس.
قال سعيد بن جبير : يدخل الرجل الجنة فيقول يا رب أين أبى وجدي وأمي؟ وأين ولدي وولد ولدي؟ وأين زوجاتى؟ فيقال إنهم لم يعملوا كعملك ، فيقول : يا رب كنت أعمل لى ولهم ، فيقال أدخلوهم الجنة ، ثم تلا : «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ» إلى قوله : «وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ» ويقرب من هذه الآية قوله : «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ».
(إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي أنت الغالب الذي لا يمتنع عليه مقدور ، الحكيم الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة من الأمور.
ثم عمموا في الدعاء لهم بأن يمنع عنهم العقوبات الدنيوية والأخروية فقالوا :
(وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) أي واصرف عنهم سوء عاقبة سيئاتهم التي كانوا قد أتوها قبل توبتهم ، ولا تؤاخذهم بذلك فتعذبهم بها.