فتركوه وأبوا أن يقبلوه ـ أكبر مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذابه يوم القيامة ، قاله قتادة ومجاهد والحسن البصري وابن جرير.
ثم ذكر ما يقولونا حين ينادون بهذا النداء فقال :
(قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) أي قالوا ربنا خلقتنا أمواتا ، وأمتنا حين انقضاء آجالنا ، وأحييتنا أو لا ينفخ الأرواح فينا ونحن في الأرحام ، وأحييتنا بإعادة أرواحنا إلى أبداننا حين البعث نقله ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس وابن مسعود ، وجعلوا ذلك نظير آية البقرة : «كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ».
(فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا) أي فاعترفنا أننا أنكرنا البعث فكفرنا وفعلنا من الذنوب ما لا يحصى عدّا ، لأن من لم يخش عاقبة يتماد في غيه ، ولكن حين رأينا الإماتة والإحياء قد تكررا علينا علمنا أن الله قادر على الإعادة قدرته على الإنشاء فاعترفنا بذنوبنا التي اقترفناها.
ثم طلبوا الرجوع إلى الدنيا لإصلاح ما فاتهم فقالوا :
(فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) أي فهل أنت معيدنا إلى الدنيا لنعمل غير الذي كنا نعمل ، فإنك قادر على ذلك.
وهذا أسلوب يستعمل في التخاطب حين اليأس ، قالوه تحيّرا أو تعللا عسى أن يتاح لهم الفرج.
ونحو الآية قوله : «وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ» وقوله : «رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ. قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ».
فما كان جوابهم عما طلبوا إلا الرفض الباتّ مع ذكر السبب فقال :