«وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ. وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ».
(وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ) أي وأن منقلبنا بعد الموت والبعث إلى الله ، وحينئذ يجازى كل نفس بما كسبت من خير أو شر.
(وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ) أي وأن المشركين بالله المتعدّين حدوده هم أهل الجحيم خالدين فيها أبدا قاله قتادة وابن سيرين ، وقال ابن مسعود ومجاهد والشعبي : هم السفهاء السفاكون للدماء بغير حقها الذين ركبوا أهواءهم ودسّوا أنفسهم بصنوف المعاصي.
ثم ختم نصحه بكلمة فيها تحذير ووعيد لهم ، ليتفكروا في عاقبة أمرهم لعلهم يرعوون عن غيهم فقال :
(فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ) أي فستعلمون صدق ما أمرتكم به ونهيتكم عنه وتتذكرونه فتندمون حيث لا ينفع الندم ، وإنى قد بالغت في نصحكم وتذكيركم بما لم يبق بعده مستزاد لمستزيد.
ثم ابتدأ كلاما آخر يبين به اطمئنانه إلى ما يجرى به القدر ويخبئه له الغيب كما هو دأب المؤمنين الصادقين فقال :
(وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ) أي وأتوكل على ربى وأفوض إليه أمرى وأستعين به ليعصمنى من كل سوء. قيل إنه قال ذلك لما أرادوا قتله والإيقاع به. وقال مقاتل : هرب هذا المؤمن إلى الجبل فطلبوه فلم يقدروا عليه.
ثم ذكر ما هو كالعلة لذلك فقال :
(إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) أي إنه خبير بهم فيهدى من يستحق الهداية ، ويضل من يستحق الإضلال لسوء استعداده وتدسيته نفسه ، وله الحجة الدامغة ، والحكمة البالغة ، والقدرة النافذة.