وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «الدعاء مخ العبادة» أخرجه الترمذي ،
وعن ابن عباس قال : «أفضل العبادة الدعاء» وقرأ هذه الآية ، وأخرج البخاري في الأدب عن عائشة قالت «سئل النبي صلّى الله عليه وسلم أي العبادة أفضل؟ فقال : دعاء المرء لنفسه».
ثم صرح سبحانه بأن المراد من الدعاء العبادة فقال :
(إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) أي إن الذين يتعظمون عن إفرادى بالعبادة وإفرادى بالألوهة سيدخلون جهنم صاغرين أذلاء.
وفي هذا وعيد شديد لمن استكبر عن دعاء الله ، وفيه لطف بعباده عظيم ، وإحسان إليهم كبير ، من حيث توعد من ترك طلب الخير منه ، واستدفاع الشر بالدعاء بهذا الوعيد البالغ ، وعاقبه بهذه العقوبة الشديدة ، فيا عباد الله وجهوا رغباتكم إليه ، وعوّلوا فى كل مطالبكم على من أمركم بتوجيهها إليه ، وأرشدكم إلى التوكل عليه ، وكفل لكم الإجابة بإعطاء مطالبكم ، وحصول رغباتكم ، فهو الكريم الجواد الذي يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ، ويغضب على من لم يطلب من فضله العظيم ، وملكه الواسع ما يحتاج إليه من أمور الدين والدنيا.
ولما أمر بالدعاء ، والاشتغال به لا بد أن يسبق بمعرفة المدعوّ ـ ذكر الدليل عليه بذكر بعض نعمه فقال :
(١) (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) أي إن الله الذي لا تصلح الألوهة إلا له ، ولا تنبغى العبادة لغيره ـ هو الذي جعل الليل للسكون والاستراحة من الحركة والتردد في طلب المعاش والحصول على ما يفى بحاجات الحياة.
(٢) (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) أي وجعل النهار مضيئا بشمسه ذات البهجة والرواء ، لتتصرفوا فيه بالأسفار ، وجوب الأقطار ، والتمكن من مزاولة الصناعات ، ومختلف التجارات.