ثم ذكر نتيجة لما تقدم فقال :
(إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) أي فهو المتفضل عليهم بالنعم التي لا تحصى ، ولا يمكن أن تستقصى.
ثم بين أن كثيرا من عباده جحدوا هذه النعم ، واستكبروا عن عبادة المنعم فقال :
(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) هذه النعم ، ولا يعترفون بها ، إما لجحودهم وكفرهم بها كما هو شأن الكفار ، وإما لإهمالهم النظر وغفلتهم عما يجب من شكر المنعم كما هو حال الجاهلين.
ونحو الآية قوله : «إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ» وقوله : «إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ».
ثم بين كمال قدرته المقتضية لوجوب توحيده فقال :
(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ؟) أي ذلكم الذي فعل كل هذا ، وأنعم عليكم بهذه النعم هو الله الواحد الأحد خالق جميع الأشياء لا إله غيره ولا رب سواه ، فكيف تنقلبون عن عبادته ، والإيمان به وحده ، مع قيام البرهان الساطع ، والدليل الواضح ، وتعبدون غيره من الأصنام التي لا تخلق شيئا وهى مخلوقة منحوتة بأيديكم.
ثم ذكر أن هؤلاء ليسوا ببدع في الأمم قبلهم ، بل قد سبقهم إلى هذا خلق كثير فقال :
(كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) أي كما ضل هؤلاء بعباده غير الله ضل وأفك الذين من قبلهم فعبدوا غيره بلا دليل ولا برهان ، بل للجهل والهوى.
وبعد أن ذكر من الدلائل تعاقب الليل والنهار ذكر منها خلق الأرض والسماء فقال :
(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً) أي الله الذي جعل لكم الأرض مستقرا تعيشون عليها ، وتتصرفون فيها ، وتمشون في مناكبها ، وجعل لكم السماء سقفا محفوظا مزينا بنجوم ينشأ عنها الليل والنهار والظلام والضياء.