عند التزاحم ، فلو لم يعلم الترتيب أصلا وعلم أهمية أحدها قدم الأهم وكان النقص على غيره بلا اشكال. وأن لم تعلم الأهمية أيضا كان النقص على الجميع ، وان علم بهما قدم الأهم ، وان تأخر في الذكر ـ على الأظهر ـ وان كان إطلاق الاخبار وكلمات الأصحاب يعطى مراعاة الترتيب مطلقا ، وان علم بأهمية المتأخر ـ سيما مع تعليل بعضهم نفوذ المقدم مما وسعه الثلث بمصادفة الوصية به محلها ـ فيبطل ما زاد عليه مع عدم الإجازة لعدم المحلّ له.
وأنت خبير بما فيه ، لان ذلك انما يتم بناء على أن التقدّم معتبر من باب الموضوعية تعبدا بالنص ، لا من باب الطريقية وكونه أمارة على الأهمية اعتبرها الشارع عند عدم إحرازها بغيره من القرائن لتكون الأهمية هي الموجبة للتقدّم في الذكر غالبا ، ضرورة كونه ـ البتة ـ مسببا عما يوجبه ، والا لزم الترجيح بلا مرجّح ، وليس هو إلا الأهمية. وعليه فتكون الإطلاقات كلّها ناظرة إلى الغالب : من انكشاف الأهمية بالتقدم في الذكر. ولم نجد من صرح بتقديم المقدّم حتى مع إحراز أهمية المتأخر الذي به تظهر الثمرة بين الوجهين ، بل صرح غير واحد بتقديم الواجب البدني على التبرعي ، وان تأخر عنه ، حتى من قال بعدم خروجه من المال مع عدم الوصية به ، وليس ذلك إلا لكون الواجب أهم.
ويدل عليه مصححة معاوية بن عمار ـ الى أن قال : ـ «فدخلت على أبي عبد الله (ع) : فقلت له : ان امرأة من أهلي ماتت وأوصت إليّ بثلث مالها وأمرت أن يعتق عنها ويحجّ ويتصدق ، فنظرت فيه فلم يبلغ فقال ابدأ بالحج ، فإنه فريضة من فرائض الله سبحانه ، واجعل ما بقي طائفة في العتق وطائفة في الصّدقة» (١) الصريحة في تقسيط النقص على العتق
__________________
(١) يراجع ذلك من الوسائل : كتاب الوصايا ، باب ٦٥ من ـ