للمغتسل والمتوضّئ اغتسل وتوضّأ أم لا.
وقيل : بفسادهما لتوقّفهما على الحركة ، مثل أخذ الماء ورفعه وصبّه ، بل وإمرار اليد غالبا ، وإن لم تكن هذه الأمور عين الوضوء والغسل ولا جزؤهما ، فلا يجتمع الأمر والنهي في محلّ واحد ، إلّا أنّ المفسدة غير منحصرة في الاجتماع ، لأنّ تكليف ما لا يطاق باطل ، وعدم إمكان الامتثال أيضا مفسدة ، وهو متحقّق في الاجتماع في المتلازمين ، وفي اللزوم واللازم ، مثل ذي المقدّمة والمقدّمة ، لأنّه لا يتحقّق إلّا بها مطلقا ، أو ما دام لا يتحقّق إلّا بها ، فكيف يمكن فعل ذي المقدّمة الواجب بدون مقدّمة الحرام ، بل ومع وجوب تركها (١)؟
وفيه ؛ أنّ الجمع بين الواجب والحرام غير واجب من الشرع ، بل غير جائز ، لعدم تجويز فعل الحرام.
نعم ؛ المكلّف هو بنفسه وباختياره جمع بينهما ، مع تمكّنه من عدم الجمع.
ومثل هذا لا نسلّم كونه تكليفا بما لا يطاق. سلّمنا ، لكن نمنع قبح مثله ، بل ربّما تأمّل بعض في قبح تكليف المكلّف بغسل يده ومسح رجله في الوضوء مع قطع ذلك يده ورجله بفعله واختياره ، وإن كان الآن لا اختيار له ، ولا تمكّن منه في غسلها ومسحها.
فإذا كان مثل هذا محلّ التأمّل فما نحن فيه بطريق أولى ، فلا مانع من إبقاء العمومات في الأمر والغصب على حالهما ، والقول بالصحّة والحرمة ، لكنّ الحقّ أنّ تكليف قاطع اليد والرجل بغسلها ومسحها قبيح ، وإن جاز مؤاخذته في قطعه بالنسبة إلى كلّ واحد واحد من وضوءاته.
وأمّا المقام ؛ فلا يعلم قبح بعد ملاحظة أنّ المكلّف باختياره جمع مع تمكّنه من
__________________
(١) ذكرى الشيعة : ٣ / ٨٠ ، روض الجنان : ٢١٩ و ٢٢٠.