واورد على أدلّة الطرفين بضعف الأخبار ، واحتمال إرادة الحرم من المسجد ، كاحتمال إرادة الكعبة ، وضعف الإجماعين المنقولين ، مع احتمال التقيّة في الأخبار الأوّلين ، لموافقة العامّة (١) في كون الكعبة قبلة (٢).
وفيه ؛ أنّ الأخبار الأوّلين متواترة ، إلى أن صار كون الكعبة قبلة داخلا في العقيدة لأهل الإيمان ، معتبرا في تلقين الأموات والمحتضرين وغير ذلك ، والإجماع للأوّلين قد ظهر حاله ، وكون الحرم مرادا من المسجد الحرام في غاية البعد ، وعدم معهوديّة الاستعمال ، مع كون المقام إظهار التوسعة ، فلا وجه لذكر المسجد وإرادة الحرم.
مع أنّه على هذا يتعيّن كون القبلة عندهم شطر الحرم وجهته لا الحرم ، وهو خلاف ما يظهر من كلامهم ، ومع ذلك ربّما رجع إلى توجيه الشهيد (٣) ، فيرتفع النزاع ، فتأمّل!
مع أنّ استعمال لفظ الجزء في الكلّ ، مشروط بأن يكون الكلّ ينتفي بانتفائه ، مثل الرقبة للإنسان.
مع أنّك ستعرف في استحباب التياسر كون الحرم قبلة من جهة الكعبة لا المسجد ، بل كون المسجد قبلة أيضا من جهة الكعبة ، فضلا عن الحرم.
مع أنّه غير لازم توجيه المسجد إلى الكعبة ، بل يبقى على ظاهره ، لكن من جهة اتّحاد جهته لجهة الكعبة للبعيد ـ أي الذي لا يمكنه الظنّ بالكعبة ـ ومناسبة المقام لذكر ما هو أوسع ذكر المسجد واعتبر.
__________________
(١) المغني لابن قدامة : ١ / ٢٦٢ المسألة ٦١٢.
(٢) لاحظ! ذخيرة المعاد : ٢١٤.
(٣) ذكرى الشيعة : ٣ / ١٥٨ و ١٥٩.