لأجل المغيب بين العينين ، والنسر الطائر عند طلوعه بين الكتفين.
فإنّ ما ذكر قبلتهم إلى أن يقرب قبلة أهل المشرق فإنّ أواخر العراق ـ كجزيرة ، عبادان ، وهي منتهى حدّ العراق طولا وما والاها ـ فقبلتهم ما بين خلف المنكب ، وقبلة أهل المشرق التي كان الجدي على اليمين.
فقولهم : يجعلون الجدي على الخد ، ليس مرادهم ما هو الظاهر منه ، فلا بدّ من تأويله بما يرجع إلى قبلة أهل البصرة ، وجزيرة عبادان وما والاهم ، لأنّ ما ذكرنا هو الموافق للقواعد يقينا ، سيّما علم الهيئة ، وهم صرّحوا بأنّ ذلك مقتضى قاعدة الهيئة والمستفاد منها ، فراجع.
ولا توهّم ما توهّمه القاصرون ، أو غير المتأمّلين ، فيجعلون قبلة العراق قبلة اليمن التي ضدّ العراق.
وربّما يتمسّك القاصر الغافل برسالة شاذان بن جبرئيل القمّي المعروفة المشهورة ، مع ما فيها من التدافع والتخالف الشديد ، وذكرها خالي رحمهالله في بحاره (١).
وأورد عليها إيرادات واضحة ، إلّا أنّه تأوّله وتوجّه بتوجيهات ، وهو أعرف بها ، أو يبنى على أنّ القبلة أوسع دائرة ممّا ذكره الفقهاء ، فلم يبق لما ذكره من العلامات فائدة ، مضافا إلى ما فيه من التدافع ، ولم نذكر تلك الرسالة والإيرادات ، لما في ذلك من تطويل زائد كثير الزيادة ، مع عدم فائدة يعتدّ بها.
والعاقل تكفيه الإشارة ، لو عثر بتلك الرسالة ، أو وجد في كلام المتأخّرين ، ذكر الوضع على الخد.
ثمّ أعلم! أنّ الجدي ، وهو النجم المشهور المعروف بذكره مصغرا ، مع أنّه يكبر ويصغر ليتميّز عن البرج ، يدور حول القطب الشمالي ، وينتقل من مكانه
__________________
(١) راجع! بحار الأنوار : ٨١ / ٧٣ ـ ٨٩.