قوله : (فوجهان). إلى آخره.
وجه المنع ما ظهر من استبعاد اتّفاق المسلمين المتدينين المراعين للصلاة وقبلتها ، مع كثرتهم واستمرارهم على الخطأ ، وأنّ هذا المكلّف شخص واحد ، لا يصير عشر معشار آلاف منهم.
فكيف يكون هذا الإدراك الظنّي من هذا الشخص أقرب إلى الحق من إدراكات لا تحصى؟ كلّ واحد منهم مثل هذا الشخص اعتقد خلاف ما اعتقده.
فكيف صار الكلّ خطأ؟ وهم مع كونهم بحيث لا يحصون عددا ، كان كلّ واحد منهم اعتقد خلاف ما اعتقده ، فلعلّ حال اعتقاده حال اعتقاد شخص منهم ، فضلا عن حال اعتقاد المجموع.
وبالجملة ؛ احتمال خطأ شخص واحد وعدم إصابة الحقّ أقرب من احتمال خطأ المجموع عند الإنصاف ، ورفع اليد عن الاعتساف.
ووجه الجواز ما مرّ من كون المكلّف به هو العلم ، وبعد العجز عنه أقوى الظنون. وهكذا ، فإن اتّفق أنّه باجتهاد حصل له اليقين في التيامن أو التياسر ، فلا شبهة في كونه حجّة.
فكذا إذا اتّفق حصول ظنّ أقوى ، فإذا كان في نظره أنّه أقوى ، فكيف يجوز له ترك الأقوى بالمرجوح الذي معناه أنّه بعيد أن يكون قبلة؟ وأنّ الظاهر أنّه ليس بقبلة.
وهذا ليس محالا من المستجمع لشرائط الاجتهاد التي منها التخلية ، واستقامة السليقة والإنصاف ، مع المعرفة والمهارة في الأمارات.
والظاهر أنّ الأمر مشكل بدون جهاد النفس ، وتحصيل المراتب العالية للمجتهدين من التخلية ، والإنصاف البالغ ، واستقامة السليقة ، والمهارة التامة ، والتأمّل التام ، كما اقتضاه وجه الجواب ، إذ كثيرا ما وجدنا الاجتهاد الواحد