المخالف للاجتهادات خطأ.
بل لا يكاد يوجد مثل ذلك صوابا ، إلّا في غاية الندرة لو كانت ، كما لا يخفى على المتأمّل الكامل المنصف.
ثمّ اعلم! أنّه ظهر ممّا ذكرنا من الأقوال والأخبار ، أنّ بعد العجز عن العلم يجب التحرّي والاجتهاد والبناء عليه ، وأنّ الاجتهاد بعد العجز عن قواعد الهيئة.
وعن «المبسوط» : أنّ من فقد هذه العلامات عليه أن يصلّي الصلاة الواحدة إلى أربع جهات مع الاختيار (١). وكذلك قال في «الاستبصار» (٢).
وعن «المقنعة» : أنّه إذا أطبقت بالغيم فلم يجد الإنسان دليلا عليها بالشمس والنجوم ، فليصلّ إلى أربع جهات ، فإن لم يقدر ، فواحدة إلى أيّ جهة شاء (٣).
ودليلهم أنّ العمل بالظن إنّما يجوز إذا انسدّ باب العلم ، فإذا صلّى أربعا حصل العلم ، ورواية خراش ، عن بعض أصحابنا ، عن الصادق عليهالسلام : إنّ هؤلاء المخالفين علينا يقولون : إذا أطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنّا نحن وأنتم سواء في الاجتهاد ، فقال : «ليس كما يقولون ، إذا كان كذلك فليصلّ لأربع وجوه» (٤).
والجواب عنها ، أنّها مع ضعف سندها بجهل خراش ، وبالإرسال ، وعدم وثاقة إسماعيل بن عبّاد لا تصلح للحجّية ، فضلا عن معارضتها ، للأخبار المعتبرة الكثيرة التي مضت ، وسيجيء أيضا منها الصحيح ، ومنها كالصحيح.
مع أنّ الظاهر منها عدم جواز الاجتهاد في موضوعات الأحكام الشرعيّة
__________________
(١) المبسوط : ١ / ٧٨.
(٢) الاستبصار : ١ / ٢٩٦ ذيل الحديث ١٠٨٩.
(٣) المقنعة : ٩٦ مع اختلاف.
(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٤٥ الحديث ١٤٤ ، الاستبصار : ١ / ٢٩٥ الحديث ١٠٨٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١١ الحديث ٥٢٣٩ مع اختلاف يسير.