إمكان الصلاة إلى أربع جوانب ، يمكن العلم بوقوع الصلاة إلى القبلة ، كما هو مسلّم عند المستدلّين أيضا.
فحينئذ تعيّن توجيه المشهور من كون المراد بعد العجز عن الصلاة لأربع وجوه.
لكن الايراد بدلالتها على عدم الحاجة إلى الاجتهاد وعدم العبرة بالظنّ ، وإن كان متاخما للعلم بعد باق على حاله.
والتوجيه بأنّ المتبادر من المتحير من كان عاجزا عن العلم ، وعن الظن جميعا ، فيصحّ الاستدلال حينئذ ، لأنّه هو الآخذ بظاهر الحديث مثلا ، لا ما هو مأوّله وما يوجّه به يوجب الاستغناء عن قوله عليهالسلام : «إذا لم يعلم أين وجه القبلة» (١) ، بل يصير ركيكا فاسدا ، لأنّ كلمة «إذا» أداة الشرط ، إلّا أن يقال : ليست بأداته ، بل بمعنى الوقت خاصة ، مثل قولهم : ايتني إذا احمرّت البسر ، لكنّه لم يرفع الحزازة بالمرّة.
بل لا ينفع المستدلّ أيضا بعد ما عرفت من أنّ الصلاة إلى أربع بوجوب العلم بالقبلة البتّة ، إلّا أن يدّعى أنّ المتبادر من المتحيّر من كان عاجزا عن العلم والظن بكون الكعبة في أيّ جهة ، لا بكون صلاته إلى جهة الكعبة ، وبينهما فرق.
لكن يبقى الإشكال في أنّ هذه الدعوى في مقام الاستدلال على عدم الحاجة إلى القبلة. وتحصيل البراءة اليقينيّة ، مع ما ورد في الأخبار من أنّه : «لا صلاة إلّا إلى القبلة» (٢) وغير ذلك ممّا عرفت. هل ينفع ويقطع العذر ، سيّما مع كونه خلاف المشهور ، وخلاف ما اقتضاه أدلّتهم ، وبعد ما عرفت حال السند ، واحتمال وقوع
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٢٨٥ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٠٧ الحديث ٥٢٢٧.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٠ الحديث ٨٥٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٠٠ الحديث ٥٢٠٧.