نعم ؛ مرسلتا الكليني (١) والصدوق (٢) تكفيان للاحتجاج بعد الانجبار بالجوابر المذكورة ، مع إمكان أن يقال : إنّ الرواية تتضمنها ما لم تبق على حالها ، لا يوجب خروجها عن الحجّية بالمرّة ، فتأمّل جدّا.
وكيف كان ؛ فتوى المشهور أقوى ، لو لم نقل بكونه مجمعا عليه عند الجميع ، كما ادّعى في «التذكرة» (٣) ، لكن ربّما يوجب حرجا.
والظاهر استثناؤهم صورة الحرج ، وإدخالهم إيّاها فيما لا يتمكّن من الأربع صلوات ، فتأمّل!
قوله : (مع أنّ الاحتياط). إلى آخره.
كون ما بين المشرق والمغرب بأجمعه قبلة حال الاختيار ، وعدم الخطأ فاسد قطعا عند الفقهاء ، لما عرفت من كون القبلة عندهم جهة الكعبة ، للبعيد أو الحرم ، ووجوب مراعاة العلامات المقررة ، والأمارات السابقة ، وعدم جواز التعدي عنها.
وأين هذا عمّا ذكر؟ فإنّ الجهة لفظ لغوي عرفي متفاوتة بتفاوت القرب والبعد في البعيد الذي لا يتمكّن من مواجهة العين.
ففي العراق ومن ناسبهم غاية ما يكون قابليتها للتوسعة ربع الدائرة ، ولذا ينحصر في أربع صلوات ، باتّفاق كلّ الفقهاء ممّن قال بوجوب الاستقبال.
هذا مع حصول القطع للعراقي بأنّ الكعبة ليست عند قرب المغرب ، وعند قرب المشرق ، وهما معا ليسا داخلين في جهتها جزما ، بل كلّ واحد منهما أيضا
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٢٨٦ الحديث ١٠ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١١ الحديث ٥٢٣٧ و ٥٢٣٨.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٠ الحديث ٨٥٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٠ الحديث ٥٢٣٥.
(٣) تذكرة الفقهاء : ٣ / ٢٨.